إقَامَتَهُ زَمَنًا، حَتَّى صَرَّحَ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُرُورُهُ مُسَافِرًا (فَإِنْ كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ) فِي دَارِ الْحَرْبِ (فَ) اللَّقِيطُ مُسْلِمٌ قُلْتُ حُرٌّ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ وُجِدَ) اللَّقِيطُ (فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِي بَلَدٍ كُلُّ أَهْلِهَا) أَهْلُ (ذِمَّةٍ فَكَافِرٌ) ؛ لِأَنَّ تَغْلِيبَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الِاحْتِمَالِ، وَهَذِهِ لَا مُسْلِمَ فِيهَا يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ مِنْهُ وَقَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ مُسْلِمٍ يَكْتُمُ إيمَانَهُ.
(وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ: بَلَدِ الْإِسْلَامِ الَّذِي كَانَ كُلُّ أَهْلِهِ أَهْلَ ذِمَّةٍ (مُسْلِمٌ) وَلَوْ وَاحِدًا (فَ) اللَّقِيطُ (مُسْلِمٌ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ) أَيْ: اللَّقِيطِ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمُسْلِمِ بِهَا تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ وَلِظَاهِرِ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ مَنْ قُلْنَا بِكُفْرِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ حَتَّى صَارَتْ دَارَ إسْلَامٍ، فَمُسْلِمٌ.
(وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ) أَيْ: اللَّقِيطِ عَلَى مُلْتَقِطِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ (وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) أَيْ: اللَّقِيطِ (مَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ سُنَيْنٍ أَبِي جَمِيلَةَ قَالَ " وَجَدْتُ مَلْقُوطًا فَأَتَيْتُ بِهِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ عَرِيفِي: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقَالَ عُمَرُ: أَكَذَلِكَ هُوَ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَاذْهَبْ هُوَ حُرٌّ وَلَكَ وَلَاؤُهُ، وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ أَوْ رَضَاعُهُ ".
(فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِكَوْنِهِ لَا مَالَ فِيهِ أَوْ لِكَوْنِ الْبَلَدِ لَيْسَ بِهَا بَيْتُ مَالٍ، وَنَحْوِهِ (اقْتَرَضَ حَاكِمٌ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِهِ مُتَبَرِّعٌ بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ بِدُونِ مِنَّةٍ تَلْحَقُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَشْبَهَ الْأَخْذَ لَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى (فَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَى الْحَاكِمِ الِاقْتِرَاضُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُ الْأَخْذُ مِنْهُ (فَعَلَى مَنْ عَلِمَ الْإِنْفَاقُ) عَلَيْهِ (مَجَّانًا) لِلْأَمْرِ بِالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ، وَالتَّقْوَى، وَبِالْعَدْلِ، وَالْإِحْسَانِ؛ وَلِأَنَّهُ إحْيَاءُ مَعْصُومٍ، وَإِنْقَاذٌ لَهُ مِنْ التَّلَفِ، فَوَجَبَ كَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ (وَلَا يَرْجِعُ) الْمُنْفِقُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ (لِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ) إذَا قَامَ بِهَا الْبَعْضُ سَقَطَتْ عَنْ الْبَاقِينَ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَإِنْ تَرَكَ الْكُلُّ أَثِمُوا؛ وَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِلْمُوَاسَاةِ فَهِيَ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَقِرَى الضَّيْفِ.
(وَإِنْ اقْتَرَضَ الْحَاكِمُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ) أَيْ: اللَّقِيطِ (ثُمَّ بَانَ رَقِيقًا أَوْ لَهُ أَبٌ مُوسِرٌ رَجَعَ) الْحَاكِمُ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى سَيِّدِ الرَّقِيقِ، وَأَبِي الْحُرِّ الْمُوسِرِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمَا قُلْتُ: وَقِيَاسُ الْأَبِ وَارِثُ مُوسِرٌ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ.
(فَإِنْ) اقْتَرَضَ الْحَاكِمُ عَلَى اللَّقِيطَ وَ (لَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَحَدٌ) تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ (وَفَّى) الْحَاكِمُ مَا اقْتَرَضَهُ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ حِينَئِذٍ وَاجِبَةٌ فِيهِ.
وَإِنْ كَانَ لِلَّقِيطِ مَالٌ تَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ لِمَانِعٍ أَوْ يَنْتَظِرُ حُصُولَهُ مِنْ وَقْفٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلِمَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute