أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ أَنْ يَرْجِعَ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَنِيٌّ عَنْ مَالِ الْغَيْرِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِ الْحَارِثِيِّ وَقَالَ، وَإِذَا أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ أَوْ غَيْرُهُ نَفَقَةَ الْمِثْلِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِيَرْجِعَ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: وَإِنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ أَحَدٌ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ الْمُلْتَقِطُ أَوْ غَيْرُهُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ إذَا أَيْسَرَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لَزِمَ اللَّقِيطَ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ قَصْدًا بِالْمَعْرُوفِ، وَبِغَيْرِ أَمْرِ الْحَاكِمِ فَقَالَ أَحْمَدُ: يُؤَدِّي النَّفَقَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
(الْمَالِ وَمَا وُجِدَ مَعَهُ) أَيْ: اللَّقِيطِ (مِنْ فِرَاشٍ تَحْتَهُ) كَوِطَاءٍ، وَبِسَاطٍ، وَوِسَادَةٍ، وَسَرِيرٍ (أَوْ ثِيَابٍ) أَوْ حُلِيٍّ أَوْ غِطَاءٍ عَلَيْهِ (أَوْ مَالٍ فِي جَيْبِهِ أَوْ تَحْتَ فِرَاشِهِ) أَوْ وِسَادَتِهِ (أَوْ مَدْفُونًا تَحْتَهُ طَرِيًّا أَوْ) وُجِدَ (مَطْرُوحًا قَرِيبًا مِنْهُ كَثَوْبٍ مَوْضُوعٍ إلَى جَانِبِهِ أَوْ حَيَوَانٍ مَشْدُودٍ بِثِيَابِهِ فَهُوَ لَهُ) ، وَكَذَا مَا طُرِحَ فَوْقَهُ أَوْ رُبِطَ بِهِ أَوْ بِثِيَابِهِ أَوْ سَرِيرِهِ، وَمَا بِيَدِهِ مِنْ عَنَانِ دَابَّةٍ أَوْ مَرْبُوطٍ عَلَيْهَا أَوْ مَرْبُوطَةٍ بِهِ أَوْ بِثِيَابِهِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَهُ كَالْمُكَلَّفِ، وَيُمْنَعُ الْتِقَاطُهُ بِدُونِ الْتِقَاطِ الْمَالِ الْمَوْجُودِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الْمَالِ، وَمَالِكِهِ.
(وَإِنْ كَانَ) اللَّقِيطُ (فِي خَيْمَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا (أَوْ دَارٍ فَهِيَ لَهُ) إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ بَالِغٌ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فَهُوَ بِهِ أَخَصُّ إضَافَةً لِلْحُكْمِ إلَى أَقْوَى السَّبَبَيْنِ، فَإِنَّ يَدَ اللَّقِيطِ ضَعِيفَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى يَدِ الْبَالِغِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَقِيطًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ يَدِهِمَا إلَّا أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِشَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ، فَيَعْمَلَ بِهَا، وَمَا وُجِدَ بَعِيدًا عَنْهُ أَوْ مَدْفُونًا تَحْتَهُ غَيْرَ طَرِيٍّ فَلُقَطَةٌ.
(وَأَوْلَى النَّاسِ بِحَضَانَتِهِ) وَاجِدُهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ إلَيْهِ، فَكَانَ أَوْلَى بِهِ، (وَ) أَوْلَى النَّاسِ بِ (حِفْظِ مَالِهِ وَاجِدُهُ) ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ (إنْ كَانَ أَمِينًا) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (مُكَلَّفًا) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ (رَشِيدًا) ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى (حُرًّا) تَامَّ الْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْقِنِّ، وَالْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ، وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ مَنَافِعُهُ مُسْتَحَقَّةٌ لِسَيِّدِهِ فَلَا يَصْرِفُهَا فِي غَيْرِ نَفْعِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ لَيْسَ لَهُ التَّبَرُّعُ بِمَالِهِ وَلَا مَنَافِعِهِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (عَدْلًا) ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَقَرَّ اللَّقِيطَ فِي يَدِ أَبِي جَمِيلَةَ حِينَ قَالَ لَهُ عَرِيفُهُ " إنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ " (وَلَوْ) كَانَ (ظَاهِرًا) أَيْ: لَمْ تُعْلَمْ عَدَالَتُهُ بَاطِنًا كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَالشَّهَادَةِ فِيهِ، وَأَكْثَرُ الْأَحْكَامِ.
(وَلَهُ) أَيْ: لِوَاجِدِهِ الْمُتَّصِفِ بِمَا تَقَدَّمَ (الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِمَّا وُجِدَ مَعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ حَاكِمٍ) ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ بِخِلَافِ مَنْ أَوْدَعَ مَالًا، وَغَابَ وَلَهُ وَلَدٌ فَلَا يُنْفِقُ الْوَدِيعُ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ بَلْ تَقُومُ امْرَأَتُهُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَأْمُرَهُ بِالْإِنْفَاقِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى نَظَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute