مِنْ الْجِنَايَةِ (بَقِيَ حَقُّهُ) فَيُطَالِبُ بِهِ لِعَدَمِ مَا يُسْقِطُهُ (بِخِلَافِ عَفَوْتُ عَنْهُ وَنَحْوِهِ) كَأَبْرَأْتُك مِنْ دَمِي فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مُطْلَقًا بَرِئَ أَوْ عُوفِيَ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ مُنَجَّزٌ اهـ.
[بَابُ مَا يُوجِب قِصَاصًا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْأَطْرَافِ]
(بَابُ مَا يُوجِب قِصَاصًا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْأَطْرَافِ، وَالْجِرَاحِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] إلَى قَوْلِهِ {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الرُّبَيِّعِ عَمَّتِهِ «لَمَّا كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ وَطَلَبُوا الْعَفْوَ فَأَبَوْا وَعَرَضُوا الْأَرْشَ، فَأَبَوْا فَقَالَ النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ إذَا أَمْكَنَ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ كَالنَّفْسِ فِي الْحَاجَةِ إلَى حِفْظِهِ بِالْقِصَاصِ فَكَانَ كَالنَّفْسِ فِي وُجُوبِهِ (كُلُّ مَنْ أُقِيدَ بِغَيْرِهِ فِي النَّفْسِ أُقِيدَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا مِنْ حُرٍّ وَعَبْدٍ) ؛ لِأَنَّ مَنْ أُقِيدَ بِهِ فِي النَّفْسِ إنَّمَا أُقِيدَ بِهِ لِحُصُولِ الْمُسَاوَاةِ الْمُعْتَبَرَةِ لِلْقَوَدِ فَوَجَبَ أَنْ يُقَادَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا، فَلَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ مُسْلِمٍ قُطِعَتْ يَدُهُ؛ لِأَنَّهُ يُقَادُ بِهِ فِي النَّفْسِ.
(وَمَنْ لَا يَجْرِي الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا فِي النَّفْسِ لَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا فِي الطَّرَفِ كَالْأَبِ مَعَ ابْنِهِ) وَكَ (الْحُرِّ مَعَ الْعَبْدِ وَ) كَ (الْمُسْلِمِ مَعَ الْكَافِرِ) فَلَا تُقْطَعُ يَدُ الْأَبِ بِيَدِ ابْنِهِ وَلَا يَدُ الْحُرِّ بِيَدِ الْعَبْدِ، وَلَا يَدُ الْمُسْلِمِ بِيَدِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَادُ بِهِ فِي النَّفْسِ (وَلَا يَجِبُ) الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (إلَّا بِمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ فِي النَّفْسِ وَهُوَ الْعَمْدُ الْمَحْضُ فَلَا قَوَدَ فِي شَبَهِ الْعَمْدِ) خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى (وَلَا) قَوَدَ فِي (خَطَأٍ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ إجْمَاعًا وَالْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِهِمَا (وَهُوَ) أَيْ مَا دُونَ النَّفْسِ (نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا الْأَطْرَافُ) لِمَا ذَكَرْنَا (فَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ) بِالْعَيْنِ الْيُمْنَى بِالْيُمْنَى وَالْيُسْرَى بِالْيُسْرَى (وَ) يُؤْخَذُ (الْأَنْفُ) بِالْأَنْفِ.
(وَ) يُؤْخَذُ (الْحَاجِزُ وَهُوَ وَتَرُ الْأَنْفِ) بِمِثْلِهِ (وَ) تُؤْخَذُ (الْأُذُنُ) بِالْأُذُنِ (وَ) يُؤْخَذُ (السِّنُّ) بِالسِّنِّ (وَالْجَفْنُ) بِالْجَفْنِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ كَسْرَهَا (وَالشَّفَةُ) بِمِثْلِهَا (وَالْيَدُ وَالرِّجْلُ وَاللِّسَانُ وَالْأُصْبُعُ وَالْكَتِفُ وَالْمِرْفَقُ وَالذَّكَرُ وَالْخُصْيَةُ وَالْأَلْيَةُ وَشُفْرُ الْمَرْأَةِ بِمِثْلِهِ) لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَوْجُودَةٌ وَالْقِصَاصُ مُمْكِنٌ فَوَجَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute