وَأَمَّا الْوَكِيلُ فَلِأَنَّهُ لَا تَفْرِيطَ مِنْهُ كَمَا لَوْ عَفَا بَعْدَ مَا رَمَاهُ (وَإِنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ) بِعَفْوِ الْمُوَكِّلِ (فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ) لِأَنَّهُ قَتَلَهُ ظُلْمًا كَمَا لَوْ قَتَلَهُ ابْتِلَاءً.
(وَإِنْ عَفَا) الْمَجْرُوحُ (عَنْ قَاتِلِهِ بَعْدَ الْجُرْحِ صَحَّ سَوَاءٌ كَانَ) الْعَفْوُ (بِلَفْظِ الْعَفْوِ أَوْ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْحَقِّ فَصَحَّ بِكُلِّ لَفْظٍ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ (فَإِنْ قَالَ) وَلِيُّ الْجِنَايَةِ: (عَفَوْتُ عَنْ الْجِنَايَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا صَحَّ) الْعَفْوُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْحَقِّ بَعْدَ انْعِقَادِ سَبَبِهِ (وَلَمْ يَضْمَنْ) الْجَانِي (السِّرَايَةَ) لِلْعَفْوِ عَنْهَا (فَإِنْ كَانَ) الْجُرْحُ (عَمْدًا لَمْ يَضْمَنْ) الْجَانِي (شَيْئًا) وَلَمْ يُعْتَبَرْ خُرُوجُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا أَوْ أَحَدُ شَيْئَيْنِ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ إسْقَاطُ أَحَدِهِمَا (وَإِنْ كَانَ) الْجُرْحُ (خَطَأً اُعْتُبِرَ خُرُوجُهُمَا) أَيْ الْجِنَايَةِ وَسِرَايَتِهَا (مِنْ الثُّلُثِ) كَالْوَصِيَّةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ سَقَطَ عَنْهُ أَيْ الْجَانِي (مِنْ دِيَتِهَا) أَيْ السِّرَايَةِ (مَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ) كَوَصِيَّةٍ.
(وَإِنْ أَبْرَأَهُ) أَيْ أَبْرَأَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْجَانِيَ (مِنْ الدِّيَةِ أَوْ وَصَّى لَهُ بِهَا فَهُوَ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ وَتَصِحُّ) لِتَأَخُّرِهَا عَنْ الْجِنَايَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَّى لَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ (وَتَقَدَّمَ فِي الْمُوصَى لَهُ) مُفَصَّلًا (وَتُعْتَبَرُ) الْبَرَاءَةُ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ الْوَصِيَّةُ بِهَا لِلْقَاتِلِ (مِنْ الثُّلُثِ) كَسَائِرِ الْعَطَايَا فِي الْمَرَضِ وَالْوَصَايَا (وَإِنْ أَبْرَأَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَارِثُهُ (الْقَاتِلَ مِنْ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ) أَبْرَأَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَارِثُهُ (الْعَبْدَ مِنْ الْجِنَايَةِ الْمُتَعَلِّقِ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ لَمْ يَصِحَّ) الْإِبْرَاءُ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ حَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ الدِّيَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْجِنَايَةُ الْمُتَعَلِّقُ أَرْشُهَا بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ بَلْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمِلْكِ السَّيِّدِ (وَإِنْ أَبْرَأَ الْعَاقِلَةَ أَوْ) أَبْرَأَ (السَّيِّدَ صَحَّ) لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُمَا مِنْ حَقٍّ عَلَيْهِمَا كَالدَّيْنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا.
(وَإِنْ وَجَبَ لِعَبْدٍ قِصَاصٌ) فِي الطَّرَفِ، (أَوْ تَعْزِيرُ قَذْفٍ فَلَهُ) أَيْ الْعَبْدِ (طَلَبُهُ وَالْعَفْوُ عَنْهُ) لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهِ، وَالْقَصْدُ مِنْهُ التَّشَفِّي (وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ لَهُ (إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْعَبْدُ) فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ طَلَبُهُ وَإِسْقَاطُهُ كَالْوَارِثِ.
(وَمَنْ صَحَّ عَفْوُهُ مَجَّانًا فَإِنْ أَوْجَبَ الْجُرْحُ مَالًا عَيْنًا) كَالْجَائِفَةِ وَجِنَايَةِ الْخَطَإِ (فَكَوَصِيَّةٍ) يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمَالٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْمَالُ عَيْنًا كَالْعَمْدِ الْمَحْضِ (فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ) لِأَنَّ الْمَالَ لَمْ يَتَعَيَّنْ.
(وَيَصِحُّ قَوْلُ مَجْرُوحٍ) لِجَانٍ (أَبْرَأْتُكَ وَحَلَلْتُكَ مِنْ دَمِي أَوْ قَتْلِي أَوْ وَهَبْتُكَ ذَلِكَ أَوْ نَحْوُهُ) كَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ دَمِي، أَوْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْك (مُعَلِّقًا) ذَلِكَ (بِمَوْتِهِ) بِأَنْ يَقُولَ إنْ مِتُّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ دَمِي، أَوْ وَهَبْتُك دَمِي إنْ مِتُّ وَنَحْوَهُ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا (فَلَوْ بَرِئَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute