الْمُفْلِسُ عَلَى مَالٍ شَارَكَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (الْغُرَمَاءَ) أَيْضًا لِمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ جَنَى عَبْدُهُ) أَيْ عَبْدُ الْمُفْلِسِ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ أَوْ لِلْقِصَاصِ، وَعَفَا وَلِيُّهَا إلَى مَالٍ (قُدِّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (عَلَى الْغُرَمَاءِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ.
[فَصْلٌ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَجْرِ أَنَّ مَنْ وَجَدَ عِنْدَهُ عينا بَاعَهَا]
(فَصْلٌ الْحُكْمُ الثَّانِي) مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَجْرِ (أَنَّ مَنْ وَجَدَ عِنْدَهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ (عَيْنًا بَاعَهَا إيَّاهُ وَلَوْ) كَانَ بَائِعُهَا إيَّاهُ (بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ) أَيْ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ، لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى كَثِيرًا (أَوْ) وَجَدَ عِنْدَهُ (عَيْنَ قَرْضٍ أَوْ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ) كَشِقْصٍ أَخَذَهُ مِنْهُ الْمُفْلِسُ بِشُفْعَةٍ (حَتَّى عَيْنًا مُؤَجَّرَةً، وَلَوْ) كَانَتْ (نَفْسَهُ) بِأَنْ أَجَّرَ حُرٌّ نَفْسَهُ فَحُجِرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِفَلَسٍ (أَوْ غَيْرَهَا) بِأَنْ أَجَّرَ عَبْدَهُ أَوْ دَابَّتَهُ فَحُجِرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِفَلَسٍ، وَ (لَمْ يَمْضِ مِنْ الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (شَيْءٌ) لَهُ أُجْرَةٌ عَادَةً (فَهُوَ) أَيْ وَاجِدُ عَيْنِ مَالِهِ عِنْدَ الْمُفْلِسِ (أَحَقُّ بِهَا إنْ شَاءَ) الرُّجُوعَ فِيهَا، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ عِنْدَ إنْسَانٍ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَحِينَئِذٍ فَالْبَائِعُ وَنَحْوُهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الرُّجُوعِ فِيهَا وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ السِّلْعَةُ مُسَاوِيَةً لِثَمَنِهَا أَوْ لَا (وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ (وَعَوْدِهَا إلَيْهِ بِفَسْخٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) كَإِرْثٍ وَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ (فَلَوْ اشْتَرَاهَا) الْمُفْلِسُ (ثُمَّ بَاعَهَا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَهِيَ لِأَحَدِ الْبَائِعَيْنِ بِقُرْعَةٍ) فَأَيُّهُمَا قَرَعَ الْآخَرَ كَانَ أَحَقَّ بِهَا لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ عِنْدَ مَنْ أَفْلَسَ فَتَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ فَاحْتَجْنَا إلَى تَمْيِيزِهِ بِالْقُرْعَةِ.
فَإِنْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا فَلِلثَّانِي الْأَخْذُ بِلَا قُرْعَةٍ (فَإِنْ بَذَلَ الْغُرَمَاءُ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ) الَّتِي أَدْرَكَهَا بِهَا بِيَدِ الْمُفْلِسِ (الثَّمَنَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ خَصُّوهُ بِهِ) أَيْ بِثَمَنِهَا (مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ لِيَتْرُكَهَا، أَوْ قَالَ الْمُفْلِسُ: أَنَا أَبِيعُهَا وَأُعْطِيكَ ثَمَنَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ رَبَّ السِّلْعَةِ (قَبُولُهُ) وَلَهُ أَخْذُهَا لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.
(وَإِنْ دَفَعُوا) أَيْ الْغُرَمَاءُ (إلَى الْمُفْلِسِ الثَّمَنَ فَبَذَلَهُ) الْمُفْلِسُ (لَهُ) أَيْ لِرَبِّ السِّلْعَةِ (لَمْ يَكُنْ لَهُ الْفَسْخُ) وَاسْتَقَرَّ الْبَيْعُ، لِزَوَالِ الْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ فَزَالَ مِلْكُ الْفَسْخُ، كَمَا لَوْ أَسْقَطَ الْغُرَمَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute