عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَبْعُدُ ذَلِكَ فَإِنَّ النَّجَاشِيَّ مَلِكَ الْحَبَشَةِ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ فَيَبْعُدُ أَنَّهُ لَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَرْضَ زُوِيَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكُشِفَ لَهُ عَنْ النَّجَاشِيِّ، حَتَّى رَآهُ حِينَ صَلَاتِهِ لَوْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ لَذَكَرَهُ لِأَصْحَابِهِ وَلَنُقِلَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُعْجِزَةِ الْعَظِيمَةِ كَمَا نَقَلَ إخْبَارُهُ لَهُمْ بِمَوْتِهِ يَوْمَ مَاتَ، وَأَيْضًا لَوْ تَمَّ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ لَمَا تَمَّ فِي حَقِّ أَصْحَابِهِ وَ (لَا) يُصَلَّى عَلَى مَنْ (فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْبَلَدِ وَلَوْ كَانَ) الْبَلَدُ (كَبِيرًا وَلَوْ لِمَشَقَّةِ مَطَرٍ أَوْ مَرَضٍ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُ حُضُورُهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَا فِي جَانِبٍ وَاحِدٍ وَيُعْتَبَرُ انْفِصَالُهُ عَنْ الْبَلَدِ بِمَا يُعَدُّ الذَّهَابُ إلَيْهِ نَوْعَ سَفَرٍ وَقَالَ الْقَاضِي: يَكْفِي خَمْسُونَ خُطْوَةً قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَأَقْرَبُ الْحُدُودِ: مَا تَجِبُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِأَنَّهُ إذَنْ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ فِي الْبَلَدِ فَلَا يُعَدُّ غَائِبًا عَنْهَا.
وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَى قَبْرٍ وَغَائِبٍ وَقْتَ نَهْيٍ (وَلَا يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ عَلَى كُلِّ غَائِبٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (وَمَنْ صَلَّى) عَلَى مَيِّتٍ (كُرِهَ لَهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ) عَلَيْهِ قَالَ فِي الْفُصُولِ: لَا يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ كَالْعِيدِ (إلَّا عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ) كَالْغَائِبِ (إذَا حُضِرَ) جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ (أَوْ وَجَدَ بَعْضَ مَيِّتٍ صَلَّى عَلَى جُمْلَتِهِ فَتُسَنُّ) إعَادَةُ الصَّلَاةِ (فِيهِمَا) مُرَّةً ثَانِيَةً (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَيِّتِ (بِلَا إذْنِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ) بِالصَّلَاةِ (مَعَ حُضُورِهِ) أَيْ: الْأَوْلَى وَعَدَمُ إذْنِهِ وَلَمْ يُصَلِّ مَعَهُ (فَتُعَادُ) الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (تَبَعًا) لِلْوَلِيِّ لِأَنَّهَا حَقُّهُ ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَظَاهِرُهُ: لَا يُعِيدُ غَيْرَ الْوَلِيِّ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
[فَصْلُ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا]
فَصْلُ (وَيَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَلَوْ قَرِيبًا أَوْ يُكَفِّنَهُ أَوْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَوْ يَتْبَعَ جِنَازَتَهُ أَوْ يَدْفِنَهُ) .
لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [الممتحنة: ١٣] وَغُسْلُهُمْ وَنَحْوُهُ: تَوَلٍّ لَهُمْ وَلِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ لَهُمْ، وَتَطْهِيرٌ فَأَشْبَهَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَفَارَقَ غُسْلَهُ فِي حَيَاتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ ذَلِكَ (إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يُوَارِيهِ غَيْرَهُ فَيُوَارَى عِنْدَ الْعَدَمِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا أُخْبِرَ بِمَوْتِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لِعَلِيٍّ اذْهَبْ فَوَارِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute