أَحْسَنَ الطَّلَاقِ (بِزَمَنٍ الْبِدْعَةِ لِشِبْهِهِ بِخُلُقِهَا الْقَبِيحِ أَوْ) نَوَى (بِأَقْبَحِهِ زَمَنَ السُّنَّةِ بِقُبْحِ عَشْرَتِهَا) فَإِنْ نَوَى الْأَغْلَظَ عَلَيْهِ قُبِلَ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْحَالِ السُّنَّةِ، وَهِيَ حَائِضٌ، أَوْ) قَالَ أَنْتِ (طَالِقٌ الْبِدْعَةِ فِي الْحَالِ، وَهِيَ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ) تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَتَلْغُو الصِّفَةُ (أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً حَسَنَةً قَبِيحَةً، أَوْ) طَلْقَةً (فَاحِشَةً جَمِيلَةً أَوْ) طَلْقَةً (تَامَّةً نَاقِصَةً تَطْلُقُ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِوَصْفَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ فَلَغِيَا وَبَقِيَ مُجَرَّدُ الطَّلَاقِ فَوَقَعَ.
وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقُ طَلَاقَ الْحَرَجِ فَقَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ طَلَاقَ الْبِدْعَةِ لِأَنَّ الْحَرَجَ الضِّيقُ وَالْإِثْمُ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ يَقَعُ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ الَّذِي يَمْنَعُهُ الرُّجُوعَ إلَيْهَا.
[بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ]
ِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقَ بِغَيْرِ لَفْظٍ فَلَوْ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ لَمْ يَقَعْ، خِلَافًا لِابْنِ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيُّ وَرُدَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ بِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ فَلَمْ يَحْصُلْ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَالْعِتْقِ.
وَانْقَسَمَ اللَّفْظُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكِ النِّكَاحِ فَكَانَ لَهُ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ كَالْعِتْقِ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الْإِزَالَةُ (الصَّرِيحُ مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ أَيْ بِحَسْبِ الْوَضْعِ الْعُرْفِيِّ مِنْ كُلّ شَيْءٍ) وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَظِهَارٍ وَغَيْرِهَا فَلَفْظُ الطَّلَاقِ صَرِيحٌ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ فِي الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ وَإِنْ قَبِلَ التَّأْوِيلَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ فَانْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ قُنْدُسٍ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ (وَالْكِنَايَةُ مَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ وَيَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الصَّرِيحِ وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ) لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ عَلَى الْخُصُوصِ ثَبَتَ لَهُ عُرْفُ الشَّارِعِ وَالِاسْتِعْمَالِ، فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَلَاقٌ أَوْ الطَّلَاقُ أَوْ طَلَّقْتُكِ أَوْ مُطَلَّقَةً فَهُوَ صَرِيحٌ (لَا غَيْرُ) أَيْ لَيْسَ صَرِيحُهُ غَيْرَ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ كَالسَّرَاحِ وَالْفِرَاق لِأَنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ كَثِيرًا فَلَمْ يَكُونَا صَرِيحَيْنِ، فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute