للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَرَفَاهُ وَوَسَطُهُ.

وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ فِي عَدَدٍ بَلْ يُسْتَدَلُّ بِحُصُولِ الْعِلْمِ عَلَى حُصُولِ الْعَقْلِ، وَالْعِلْمُ الْحَاصِلُ عَنْهُ ضَرُورِيٌّ فِي الْأَصَحِّ (مِنْ آحَادِهَا) وَهُوَ مَا عَدَا الْمُتَوَاتِرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ رِوَايَةَ وَاحِدٍ بَلْ كُلُّ مَا لَمْ يَبْلُغْ التَّوَاتُرَ فَهُوَ آحَادٌ (وَمُرْسَلَهَا) وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَمُتَّصِلَهَا) أَيْ مَا اتَّصَلَ إسْنَادُهُ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ رُوَاتِهِ سَمِعَهُ مِمَّنْ فَوْقَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَرْفُوعًا أَوْ مَوْقُوفًا (وَمُسْنَدَهَا) مَا اتَّصَلَ إسْنَادُهُ مِنْ رَاوِيهِ إلَى مُنْتَهَاهُ وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَمُنْقَطِعَهَا) أَيْ مَا اتَّصَلَ إسْنَادُهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ الِانْقِطَاعُ (مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْأَحْكَامِ خَاصَّةً) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ حِفْظُ خَمْسمِائَةِ آيَةٍ كَالْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَحْكَامِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُعْظَمُ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ هُوَ مَنْ يَعْرِفُ الصَّوَابَ بِدَلِيلِهِ كَالْمُجْتَهِدِ فِي الْقِبْلَةِ.

وَلِكُلٍّ مِمَّا ذَكَرْنَا دَلَالَةٌ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهَا إلَّا بِمَعْرِفَتِهِ فَوَجَبَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ لِتُعْرَفَ دَلَالَتُهُ وَتَوَقَّفَ الِاجْتِهَادُ عَلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ (وَيَعْرِفُ مَا اُجْتُمِعَ عَلَيْهِ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَهُ اجْتِهَادُهُ إلَى قَوْلٍ يَخْرُجُ عَنْ الْإِجْمَاعِ وَعَنْ أَقْوَالِ السَّلَفِ.

(وَ) يَعْرِفُ (الْقِيَاسَ) وَهُوَ رَدُّ فَرْعٍ إلَى أَصْلٍ (وَ) يَعْرِفُ (حُدُودَهُ) أَيْ الْقِيَاسِ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ (وَشُرُوطَهُ) وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْأَصْلِ وَبَعْضُهَا إلَى الْفَرْعِ وَبَعْضُهَا إلَى الْعِلَّةِ (وَكَيْفِيَّةَ اسْتِنْبَاطِهِ) عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَحَالِّهَا.

(وَ) يَعْرِفُ (الْعَرَبِيَّةَ) أَيْ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْ حَيْثُ اخْتِصَاصُهَا بِأَحْوَالٍ هِيَ: الْإِعْرَابُ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهَا مِنْ اللُّغَاتِ (الْمُتَدَاوَلَةَ بِالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَمَا يُوَالِيهِمْ) لِيَعْرِفَ بِهِ اسْتِنْبَاطَ الْأَحْكَامِ مِنْ أَصْنَافِ عُلُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَفُرُوعِهِ فَمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَهُ وَرُزِقَ فَهْمَهُ صَلُحَ لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ) لِأَنَّ الْعَالِمَ بِذَلِكَ يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَوَضْعِهَا فِي مَوَاضِعِهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: مَنْ حَصَّلَ أُصُولَ الْفِقْهِ وَفُرُوعَهُ فَمُجْتَهِدٌ وَلَا يُقَلِّدُ أَحَدًا.

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ تَتَعَلَّقُ بِالْفُتْيَا]

(كَانَ السَّلَفُ) رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (يَأْبَوْنَ الْفُتْيَا وَيُشَدِّدُونَ فِيهَا وَيَتَدَافَعُونَهَا) قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>