إبْطَال هَذِهِ الصِّفَةِ) لِأَنَّهُ وَكَالَةٌ وَهِيَ جَائِزَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي آخَر الْكِنَايَاتِ فِي الطَّلَاقِ.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ وَلَوْ جَعَلَتْ لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُخَيِّرَهَا) فَخَيَّرَهَا (فَاخْتَارَتْ الزَّوْجَ لَا يَرُدُّ) الزَّوْجُ (شَيْئًا) مِنْ الْأَلْفِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا جَاعَلَتْهُ عَلَيْهِ فَاسْتَقَرَّتْ لَهُ.
(وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِدِينَارٍ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ ارْتَدَّتْ) عَنْ الْإِسْلَام (لَزِمَهَا الدِّينَارُ) بِالطَّلَاقِ (وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا) لِأَنَّهُ عَلَى عِوَضٍ (وَلَا تُؤَثِّرُ الرِّدَّةُ) فِيهِ لِتَأَخُّرِهَا عَنْهُ (فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْد رِدَّتِهَا وَقَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا بَانَتْ بِالرِّدَّةِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَمْ يَقَع الطَّلَاقُ) لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ (وَإِنْ كَانَ) طَلَّقَهَا بَعْدَ رِدَّتِهَا وَ (بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهَا (وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنْ أَقَامَتْ عَلَى رِدَّتِهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتِهَا تَبَيَّنَّا عَدَم وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِزَوْجَةٍ) حِينَ طَلَّقَهَا (وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً حِينَهُ.
[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ إلَّا بِعِوَضٍ]
فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ الْخُلْعُ إلَّا بِعِوَضٍ لِأَنَّ الْعِوَضَ رُكْنٌ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ تَرْكُهُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْع (فَإِنْ خَالَعَهَا بِغَيْرِ عِوَض لَمْ يَقَعْ خُلْعٌ وَلَا طَلَاقٌ) لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ طَلَاقِ أَوْ نِيَّتِهِ فَيَقَعُ) طَلَاقًا (رَجْعِيًّا) لِأَنَّهُ طَلَاقٌ لَا عِوَضَ فِيهِ فَكَانَ رَجْعِيًّا كَغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ يَصْلُحُ كِنَايَةً عَنْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا لَمْ يَكُنْ شَيْئًا لِأَنَّ الْخُلْعَ إنْ كَانَ فَسْخًا فَالزَّوْجُ لَا يَمْلِكُ فَسْخَ النِّكَاحَ إلَّا بِعَيْبِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ فَسَخْتُ النِّكَاحَ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَهُ الْعِوَضُ فَإِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَلَا يَجْتَمِعْ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ.
(وَلَا يَصِحُّ) الْخُلْعُ (بِمُجَرَّدِ بَذْلِ الْمَالِ وَقَبُولِهِ) مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْبُضْعِ بِعِوَضٍ، فَلَمْ يَصِحَّ بِدُونِ اللَّفْظِ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ، وَلِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ قَبْضٌ لِعِوَضٍ فَلَمْ يَقُمْ بِمُجَرَّدِهِ مَقَامَ الْإِيجَاب، كَقَبْضِ أَحَد الْعِوَضَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَأَمَّا حَدِيثُ جَمِيلَةَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ» فَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» وَهَذَا صَرِيحٌ فِي اعْتِبَارِ اللَّفْظِ.
وَفِي رِوَايَةٍ " فَأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا " وَمَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْفُرْقَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute