فَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِصَّةِ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَلَعَلَّ الرَّاوِيَ اسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْعِوَضِ عَنْ ذِكْرِ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرُوا مِنْ جَانِبِهَا لَفْظًا وَلَا دَلَالَةَ حَالٍ وَلَا بُدَّ مِنْهُ اتِّفَاقًا (بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ) بِأَنْ يَقُولَ: خَلَعْتُكِ وَنَحْوِهِ عَلَى كَذَا، فَتَقْوُلُ رَضِيتُ أَوْ نَحْوَهُ.
(فَإِنْ قَالَتْ) لِزَوْجِهَا (بِعْنِي عَبْدَك هَذَا وَطَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَفَعَلَ) أَيْ بَاعَهَا الْعَبْدَ وَطَلَّقَهَا بِالْأَلْفِ (صَحَّ) ذَلِكَ (وَكَانَ بَيْعًا وَخُلْعًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصِحُّ مُفْرَدًا فَصَحَّا مُجْتَمِعَيْنِ (وَيُقَسِّطُ الْأَلْفَ عَلَى الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى وَ) عَلَى (قِيمَةِ الْعَبْدِ فَيَكُونُ عِوَضُ الْخُلْعِ مَا يَخُصُّ الْمُسَمَّى أَيْ الْمَهْرُ، وَعِوَضُ الْعَبْدِ مَا يَخُصُّ قِيمَتَهُ، حَتَّى لَوْ رَدَّتْهُ بِعَيْبٍ رَجَعَتْ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا يَخُصُّ قِيمَتَهُ لِأَنَّهُ ثَمَنُهُ (وَإِنْ وَجَدَتْهُ حُرًّا أَوْ) وَجَدَتْهُ (مَغْصُوبًا رَجَعَتْ بِهِ لِأَنَّهُ عِوَضُهَا) أَيْ ثَمَنُهَا الَّذِي بَذَلَتْهُ عِوَضًا عَنْ الْعَبْدِ (فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْعَبْدِ شِقْصٌ مَشْفُوعٌ) وَقَالَتْ لَهُ بِعْنِي شِقْصَكَ هَذَا وَطَلِّقْنِي بِأَلْفٍ وَفَعَلَ صَحَّ وَ (ثَبَتَتْ فِيهِ) أَيْ الشِّقْصِ (الشُّفْعَةُ) لِوُجُودِ سَبَبِهَا وَهُوَ الْبَيْعُ الصَّحِيحُ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ عَنْ الْخُلْعِ، وَيُوَزِّعُ الْأَلْفَ عَلَى الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى وَقِيمَةِ الشِّقْصِ وَ (يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِحِصَّةِ قِيمَتِهِ مِنْ الْأَلْفِ) لِأَنَّهُ ثَمَنُهُ.
(وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا) صَدَاقًا (فَإِنْ فَعَلَ) بِأَنْ أَخَذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا (كُرِهَ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ جَمِيلَةَ بِ «وَلَا تَزْدَادُ» (وَصَحَّ) الْخُلْعُ (نَصًّا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] وَقَالَتْ الرَّبِيعُ بِنْت مُعَوِّذٍ " اخْتَلَعْتُ مِنْ زَوْجِي بِمَا دُونَ عَقَاصِ رَأْسِي فَأَجَازَ ذَلِكَ عَلِيٌّ " وَاسْتَمَرَّ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ.
(وَالْعِوَضُ فِي الْخُلْعِ كَالْعِوَضِ فِي الصَّدَاقِ وَالْبَيْعِ إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا أَوْ مَذْرُوعًا لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الزَّوَاجِ) إلَّا بِقَبْضِهِ (وَلَا يَمْلِكُ) الزَّوْجُ (التَّصَرُّفَ فِيهِ إلَّا بِقَبْضِهِ) وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ مُفَصَّلًا (وَإِنْ تَلِفَ) عِوَضُ الْخُلْعِ الْمَكِيلِ وَنَحْوِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ (فَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (عِوَضُهُ) وَلَمْ يَنْفَسِخْ الْخُلْعُ بِتَلَفِهِ (وَإِنْ كَانَ) عِوَضُ الْخُلْعِ (غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرَ مَكِيلٍ وَلَا مَوْزُونٍ وَلَا مَعْدُودٍ وَلَا مَذْرُوعٍ (دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْخُلْعِ وَصَحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ) قَبْل قَبْضِهِ قُلْتُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْقُودًا عَلَيْهِ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ كَالْمَبِيعِ.
(وَإِنْ خَالَعَهَا بِمُحَرَّمٍ كَالْخَمْرِ وَالْحُرِّ فَكَخُلْعٍ بِلَا عِوَض إنْ كَانَا يَعْلَمَانِهِ) لِأَنَّ الْخُلْعَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ بِتَحْرِيمِهِ يَدُلُّ عَلَى رِضَا فَاعِلِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَا يُقَالُ هَلَّا يَصِحُّ الْخُلْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute