رُجُوعِهَا تَسْلِيطًا لَهُمْ عَلَى وَطْئِهَا حَرَامًا.
(وَيَجُوزُ نَبْذُ الْأَمَانِ إلَيْهِمْ إنْ تَوَقَّعَ شَرَّهُمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨] .
(وَإِذَا أُمِّنَ الْعَدُوُّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إلَى مُدَّةٍ) مَعْلُومَةٍ (صَحَّ) أَمَانُهُ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ (فَإِذَا بَلَغَهَا وَاخْتَارَ الْبَقَاءَ فِي دَارِنَا أَدَّى الْجِزْيَةَ) إنْ كَانَ مِمَّنْ تُعْقَدُ لَهُ الذِّمَّةُ (وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) الْبَقَاءَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ (فَهُوَ عَلَى أَمَانِهِ حَتَّى يَخْرُجَ إلَى مَأْمَنِهِ) أَيْ: حَتَّى يُفَارِقَ الْمَحَلَّ الَّذِي أَمَّنَّاهُ فِيهِ لِبَقَاءِ أَمَانِهِ.
[بَابُ الْهُدْنَةِ]
ُ (وَهِيَ) لُغَةً السُّكُونُ وَشَرْعًا (الْعَقْدُ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً مَعْلُومَةً) بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَإِنْ زَادَتْ بَطَلَتْ فِي الزِّيَادَةِ فَقَطْ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: ٦١] وَمِنْ السُّنَّةِ مَا رَوَى مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَالَحَ قُرَيْشًا عَلَى وَضْعِ الْقِتَالِ عَشْرَ سِنِينَ» وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي ذَلِكَ.
؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ، فَيُهَادِنُونَهُمْ حَتَّى يَقْوَوْا بِعِوَضٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنًّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا يَأْتِي (وَبِغَيْرِ عِوَضٍ) بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَتُسَمَّى مُهَادَنَةً وَمُوَادَعَةً) مِنْ الدَّعَةِ وَهِيَ التَّرْكُ.
(وَمُعَاهَدَةً) مِنْ الْعَهْدِ بِمَعْنَى الْأَمَانِ (وَمُسَالَمَةً) مِنْ السِّلْمِ بِمَعْنَى الصُّلْحِ (وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا إلَّا مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِنَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَلَيْسَ غَيْرُهُمَا مَحَلًّا لِذَلِكَ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ.
وَلَوْ جُوِّزَ ذَلِكَ لِلْآحَادِ لَزِمَ تَعْطِيلُ الْجِهَادِ (وَيَكُونُ الْعَقْدُ) أَيْ: عَقْدُ الْهُدْنَةِ (لَازِمًا) لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَلَا عَزْلِهِ، بَلْ يَلْزَمُ الثَّانِيَ إمْضَاؤُهُ لِئَلَّا يَنْقُضَ الِاجْتِهَادَ بِالِاجْتِهَادِ وَيَسْتَمِرُّ مَا لَمْ يَنْقُضْهُ الْكُفَّارُ بِقِتَالٍ أَوْ غَيْرِهِ.
(وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ (الْوَفَاءُ بِهَا) أَيْ: بِالْهُدْنَةِ لِلُزُومِهَا (فَإِنْ هَادَنَهُمْ) أَيْ: الْكُفَّارَ (غَيْرُهُمَا) أَيْ: غَيْرُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (لَمْ تَصِحَّ) الْهُدْنَةُ لِمَا سَبَقَ.
(وَلَا تَصِحُّ) الْهُدْنَةُ (إلَّا حَيْثُ جَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute