فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ قَالَ الْبُخَارِيُّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «قَضَاءُ رَمَضَانَ إنْ شَاءَ فَرَّقَ وَإِنْ شَاءَ تَابَعَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَلَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ سُفْيَانِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ الْمَجْدُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا طَعَنَ فِيهِ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِزَمَانٍ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ التَّتَابُعُ كَالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ (إلَّا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ إلَّا مَا يَتَّسِعُ لِلْقَضَاءِ فَقَطْ) فَيَتَعَيَّنُ التَّتَابُعُ لِضِيقِ الْوَقْتِ، كَأَدَاءِ رَمَضَانَ فِي حَقِّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ، (وَلَا يُكْرَهُ الْقَضَاءُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا أَيَّامُ عِبَادَةٍ فَلَمْ يُكْرَهْ الْقَضَاءُ فِيهَا كَعَشْرِ الْمُحَرَّمِ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ الْقَضَاءَ فِيهَا.
(وَيَجِبُ الْعَزْمُ عَلَى الْقَضَاءِ) إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ فَوْرًا (فِي) الْقَضَاءِ (الْمُوَسَّعِ، وَكَذَا كُلُّ عِبَادَةٍ مُتَرَاخِيَةٍ) يَجِبُ الْعَزْمُ عَلَيْهَا كَالصَّلَاةِ إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا الْمُتَّسَعُ.
[فَصْلُ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ لِعُذْرٍ]
(فَصْلُ مَنْ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ تَامًّا كَانَ) رَمَضَانُ (أَوْ نَاقِصًا لِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ كَالْأَسِيرِ وَالْمَطْمُورِ وَغَيْرِهِمَا قَضَى عَدَدَ أَيَّامِهِ) ، سَوَاءٌ (ابْتَدَأَهُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ مِنْ أَثْنَائِهِ كَأَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ) الْفَائِتَةِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ مَا فَاتَهُ كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] .
(وَيَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَ يَوْمَ شِتَاءٍ عَنْ يَوْمِ صَيْفٍ وَعَكْسَهُ) بِأَنْ يَقْضِي يَوْمَ صَيْفٍ عَنْ يَوْمِ شِتَاءٍ لِعُمُومِ الْآيَةِ، (وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مَعَهُ) أَيْ: مَعَ قَضَاءِ رَمَضَانَ (صَوْمُ نَذْرٍ لَا يَخَافُ فَوْتَهُ) لِاتِّسَاعِ وَقْتِهِ (بَدَأَ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ) وُجُوبًا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى، فَإِنْ خَافَ فَوْتَ النَّذْرِ لِضِيقِ وَقْتِهِ قَدَّمَهُ، قُلْتُ: إلَّا أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ مَثَلًا عَشَرَةُ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ وَنَذَرَ أَنْ يَصُومَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ شَعْبَانَ وَلَمْ يَبْقَ سِوَى الْعَشَرَةِ فَيَصُومُهَا عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ لِتَعَيُّنِ الْوَقْتِ لَهَا.
(وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ قَضَائِهِ) أَيْ رَمَضَانَ (مَا لَمْ يَفُتْ وَقْتُهُ وَهُوَ) أَيْ وَقْتُ الْقَضَاءِ (إلَى أَنْ يَهُلَّ رَمَضَانُ آخَرُ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ " كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إلَّا فِي شَعْبَانَ لِمَكَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَكَمَا لَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ (فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute