لِعُمُومِ مَا سَبَقَ (وَلَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ) عَنْ غَيْرِهِ (بِجُعْلٍ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ مِنْ اكْتِسَابِ الْمَالِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (أَنْ يَتَوَكَّلَ بِغَيْرِ جُعْلٍ) لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمَنَافِعِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ (إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) فَإِنْ أَذِنَ جَازَ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْقِنِّ وَكَذَا الْمُبَعَّضُ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ يَقَعُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَيُحْتَمَلُ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ أَنْ يَصِحَّ فِي نَوْبَتِهِ.
[فَصْلٌ الْوَكَالَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]
فَصْلٌ (وَالْوَكَالَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ) لِأَنَّهَا مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ إذْنٌ وَمِنْ جِهَةِ الْوَكِيلِ بَذْلُ نَفْعٍ، وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ (تَبْطُلُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا) أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ لِعَدَمِ لُزُومِهَا لِمَا تَقَدَّمَ (فَلَوْ قَالَ) الْمُوَكِّلُ (لِوَكِيلِهِ: كُلَّمَا عَزَلْتُك فَقَدْ وَكَّلْتُك فَهِيَ الْوَكَالَةُ الدَّوْرِيَّةُ) لِأَنَّهَا تَدُورُ مَعَ الْعَزْلِ، فَكُلَّمَا عَزَلَهُ عَادَ وَكِيلًا.
(وَهِيَ) أَيْ الْوَكَالَةُ الدَّوْرِيَّةُ (صَحِيحَةٌ) لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْوَكَالَةِ صَحِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ (وَانْعَزَلَ) الْوَكِيلُ فِي الْوَكَالَةِ الدَّوْرِيَّةِ (بِ) قَوْلِ الْمُوَكِّلِ: عَزَلْتُك وَ (كُلَّمَا وَكَّلْتُك فَقَدْ عَزَلْتُك فَقَطْ) أَيْ دُونَ عَزَلْتُك فَلَا يَنْعَزِلُ بِهَا.
(وَهِيَ) أَيْ مَقَالَتُهُ كُلَّمَا وَكَّلْتُك فَقَدْ عَزَلْتُك (فَسْخٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ) وَهُوَ التَّوْكِيلُ وَالْفَسْخُ الْمُعَلَّقُ صَحِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَى هَذَا: فَلَا يَصِيرُ وَكِيلًا إذَا وَكَّلَهُ بَعْدَ الْعَزْلِ الدَّوْرِيِّ لِأَنَّهُ مَتَى صَارَ وَكِيلًا انْعَزَلَ ذُكِرَ مَعْنَاهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى.
(وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ، أَوْ) بِمَوْتِ (الْوَكِيلِ) لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَعْتَمِدُ الْحَيَاةَ فَإِذَا انْتَفَتْ انْتَفَتْ صِحَّتُهَا لِانْتِفَاءِ مَا تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ (لَكِنْ لَوْ وَكَّلَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ أَوْ عَقَدَ) وَلِيُّ الْيَتِيمِ أَوْ نَاظِرُ الْوَقْفِ (عَقْدًا جَائِزًا غَيْرَهَا، كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ لَمْ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ عَلَى غَيْرِهِ) ذَكَرَهُ فِي الْقَوَاعِدِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْإِنْصَافِ.
(وَتَبْطُلُ) الْوَكَالَةُ (بِجُنُونٍ مُطْبَقٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ (مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَعْتَمِدُ الْعَقْلَ فَإِذَا انْتَفَى انْتَفَتْ صِحَّتُهَا لِانْتِفَاءِ مَا تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ (وَ) تَبْطُلُ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ، لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلتَّصَرُّفِ بِخِلَافِ نَحْوِ طَلَاقٍ.
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ أَيْضًا (بِفَلْسِ مُوَكِّلٍ فِيمَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ) كَتَصَرُّفٍ فِي عَيْنِ مَالِهِ لِانْقِطَاعِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute