بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي تَصَرُّفٍ فِي الذِّمَّةِ.
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ أَيْضًا (بِفِسْقِ) أَحَدِهِمَا (فِيمَا يُنَافِيه) الْفِسْقُ (فَقَطْ كَإِيجَابٍ فِي نِكَاحٍ) لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي قَبُولِهِ أَوْ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَلَا يَنْعَزِلُ بِفِسْقِ مُوَكِّلِهِ وَلَا بِفِسْقِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ مِنْهُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، فَجَازَ لِغَيْرِهِ كَالْعَدْلِ.
(وَإِنْ كَانَ وَكَّلَ وَكِيلًا فِيمَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمَانَةُ كَوَكِيلِ وَلِيِّ الْيَتِيمِ، وَوَلِيِّ الْوَقْفِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَنَحْوِهِ انْعَزَلَ بِفِسْقِهِ وَفِسْقِ مُوَكِّلِهِ) لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّتِهِ لِذَلِكَ التَّصَرُّفِ (وَكَذَلِكَ كُلُّ عَقْدٍ جَائِزٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، كَشَرِكَةٍ وَمُضَارَبَةٍ وَجِعَالَةٍ) يَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَعَزْلِهِ وَجُنُونِهِ الْمُطْبَقِ، وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ حَيْثُ نَافَاهُ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي أَبْوَابِهِ.
(وَلَا تَبْطُلُ) الْوَكَالَةُ (بِالنَّوْمِ وَالسُّكْرِ الَّذِي يَفْسُقُ بِهِ فِي غَيْرِ مَا يُنَافِيه) لِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَا يُنَافِيه الْفِسْقُ (وَلَا) تَبْطُلُ أَيْضًا (بِالْإِغْمَاءِ) كَالنَّوْمِ، لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ (وَلَا) بِ (التَّعَدِّي كَلُبْسِ ثَوْبٍ) وَكَّلَهُ فِي نَحْوِ بَيْعِهِ (وَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَنَحْوِهِمَا) لِأَنَّ الْوَكَالَةَ اقْتَضَتْ الْأَمَانَةَ وَالْإِذْنَ، فَإِذَا زَالَتْ الْأُولَى بِالتَّعَدِّي بَقِيَ الْإِذْنُ بِحَالِهِ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهَا مُجَرَّدُ أَمَانَةٍ فَنَافَاهَا التَّعَدِّي (وَيَصِيرُ) الْوَكِيلُ (بِالتَّعَدِّي ضَامِنًا فَلَوْ وُكِّلَ فِي بَيْعِ ثَوْبٍ فَلَبِسَهُ صَارَ ضَامِنًا) لِتَعَدِّيهِ (فَإِذَا بَاعَهُ) الْوَكِيلُ (صَحَّ بَيْعُهُ) لَهُ.
(وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهِ) لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَضَمَانِهِ (فَإِذَا قَبَضَ) الْكَيْلُ (الثَّمَنَ) حَيْثُ جَازَ لَهُ (صَارَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَعَدٍّ عَلَيْهِ (فَإِنْ رَدَّهُ) أَيْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ (بِعَيْبٍ عَادَ الضَّمَانُ) لِأَنَّ الْعَقْدَ الْمُزِيلَ لِلضَّمَانِ زَالَ، فَعَادَ مَا زَالَ بِهِ وَإِنْ عَادَ إلَى يَدِ الْوَكِيلِ بِعَقْدٍ آخَرَ لَمْ يَعُدْ الضَّمَانُ إلَّا إنْ تَعَدَّى لِأَنَّ هَذِهِ وَكَالَةٌ أُخْرَى لَمْ يَقَعْ عَنْهُ فِيهَا تَعَدٍّ.
(وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَوَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ شَيْئًا فَتَعَدَّى) الْوَكِيلُ (فِي الثَّمَنِ صَارَ ضَامِنًا فَإِذَا اشْتَرَى بِهِ وَسَلَّمَهُ) أَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ عَلَى قِيَاسِ الْمَبِيعِ (زَالَ الضَّمَانُ وَقَبْضُهُ لِلْمَبِيعِ قَبْضُ أَمَانَةٍ فَإِنْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ عَادَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ.
(وَتَبْطُلُ) الْوَكَالَةُ (أَيْضًا بِتَلَفِ الْعَيْنِ الَّتِي وُكِّلَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا) لِأَنَّ مَحَلَّ الْوَكَالَةِ قَدْ ذَهَبَ (وَ) تَبْطُلُ أَيْضًا (بِدَفْعِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (عِوَضًا لَمْ يُؤْمَرْ بِدَفْعِهِ) فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَفِي شِرَاءِ أَمَةٍ بِدَرَاهِمَ أُخْرَى فَبَذَلَ ثَمَنَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ بَطَلَتْ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَكَّلَهُ فِي شِرَائِهِ.
(وَ) تَبْطُلُ أَيْضًا بِ (اقْتِرَاضِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (الْمَالَ الَّذِي بِيَدِهِ) لِلْمُوَكِّلِ (كَتَلَفِهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute