[بَابُ الْعَصَبَاتِ]
ِ الْعَصَبَاتِ جَمْعُ عَصَبَةٍ وَهُمْ جَمْعُ عَاصِبٍ مِنْ الْعَصْبِ وَهُوَ الشَّدُّ وَمِنْهُ عِصَابَةُ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ يُعْصَبُ بِهَا أَيْ يُشَدُّ وَالْعَصَبُ لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْأَعْضَاءَ وَعِصَابَةُ الْقَوْمِ لِاشْتِدَادِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِ وَهَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ أَيْ شَدِيدٌ فَسُمِّيَتْ الْقَرَابَةُ عَصَبَةً لِشِدَّةِ الْأَزْرِ (الْعَصَبَةُ مِنْ يَرِثُ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ) لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ أَخَذَ الْمَالَ كُلَّهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ أَخَذَ الْبَاقِي وَاخْتَصَّ التَّعْصِيبُ بِالذُّكُورِ غَالِبًا لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الشِّدَّةِ وَالنُّصْرَةِ وَلِمَا اخْتَلَفَتْ أَحْوَالُهُمْ فِي الشِّدَّةِ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ كَانَ الْأَقْرَبُ أَوْلَى وَمَتَى أُطْلِقَ الْعَاصِبُ فَالْمُرَادُ الْعَاصِب بِنَفْسِهِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ.
(وَإِنْ انْفَرَدَ أَخَذَ الْمَالَ كُلَّهُ) تَعْصِيبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] وَغَيْرُ الْأَخِ كَالْأَخِ (وَإِنْ كَانَ مَعَهُ) أَيْ الْعَاصِبِ (ذُو فَرْضٍ) وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَر (أَخَذَ) الْعَاصِبُ (مَا فَضَلَ عَنْهُ) لِحَدِيثِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» .
(وَإِنْ اسْتَوْعَبَتْ الْفُرُوضُ الْمَالَ سَقَطَ) الْعَاصِبُ لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُور (وَهُمْ) أَيْ الْعَصَبَةُ بِالنَّفْسِ (كُلُّ ذَكَرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ أُنْثَى) غَيْرُ الزَّوْجِ فَخَرَجَ الْأَخُ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِأُنْثَى (وَهُمْ) أَيْ الْعَصَبَةُ الْمَذْكُورَةُ (الِابْنُ وَابْنُهُ) وَإِنْ نَزَلَ (وَالْأَبُ وَأَبُوهُ) وَإِنْ عَلَا (وَالْأَخُ) شَقِيقًا كَانَ أَوْ لِأَبٍ (وَابْنُهُ) كَذَلِكَ (إلَّا مِنْ الْأُمِّ) فَإِنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ وَابْنَهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ.
(وَالْعَمُّ) كَذَلِكَ (وَابْنُهُ كَذَلِكَ) أَيْ إلَّا مِنْ الْأُمِّ (وَمَوْلَى النِّعْمَةِ) وَهُوَ الْمُعْتِقُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَعَصَبَتُهُ الْمُتَعَصِّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ (وَأَحَقُّهُمْ) أَيْ الْعَصَبَةِ (بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبُهُمْ) إلَى الْمَيِّت وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَقَوْلُهُ ذَكَرٍ " بَعْدَ رَجُلٍ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا قَابَلَ الْأُنْثَى بَالِغًا عَاقِلًا كَانَ أَوْ لَا (وَيَسْقُطُ بِهِ) أَيْ الْأَقْرَبِ (مَنْ بَعُدَ) مِنْ الْعَصَبَاتِ.
وَجِهَاتُ الْعُصُوبَةِ سِتَّةٌ بُنُوَّةٌ ثُمَّ أُبُوَّةٌ ثُمَّ جُدُودَةٌ وَإِخْوَةٌ ثُمَّ بَنُو الْإِخْوَةِ ثُمَّ الْعُمُومَةُ ثُمَّ الْوَلَاءُ وَإِذَا اجْتَمَعَ عَاصِبَانِ (فَلَوْ كَانَتْ الْإِخْوَةُ) لِلزَّوْجَةِ وَهُمْ بَنُو ابْنِهِ (سَبْعَةً وَرِثُوهُ) أَيْ الْمَالَ (سَوَاءٌ) لَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute