للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَتْ أَهْلًا لِحُضُورِ مَحَافِلِ الرِّجَالِ (حُرًّا) لِأَنَّ الْعَبْدَ مَنْقُوصٌ بِرِقِّهِ، مَشْغُولٌ بِحُقُوقِ سَيِّدِهِ، وَكَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى (لَكِنْ تَصِحُّ وِلَايَةُ عَبْدٍ إمَارَةَ سَرِيَّةٍ وَقَسْمَ صَدَقَةٍ وَ) قَسْمُ (فَيْءٍ، وَإِمَامَةُ صَلَاةٍ) غَيْرَ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ (وَأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا) ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ يَقْتَضِي إذْلَالَ صَاحِبِهِ، وَالْقَضَاءُ يَقْتَضِي احْتِرَامَهُ وَبَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ، وَلِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ فَهُنَا أَوْلَى (عَدْلًا وَلَوْ تَائِبًا مِنْ قَذْفٍ) نَصّ عَلَيْهِ.

(فَلَا تَجُوزُ تَوْلِيَةُ فَاسِقٍ وَلَا مَنْ فِيهِ نَقْصٌ يَمْنَعُ) قَبُولَ (الشَّهَادَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ا} [الحجرات: ٦] وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَجِبُ التَّبْيِينُ عِنْدَ حُكْمِهِ وَكَالشَّهَادَةِ (وَأَنْ يَكُونَ سَمِيعًا) لِأَنَّ الْأَصَمَّ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ الْخَصْمَيْنِ (بَصِيرًا) لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يُمَيِّز الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُقِرَّ مَنْ الْمُقَرِّ لَهُ (نَاطِقًا) لِأَنَّ الْأَخْرَسَ لَا يُمْكِنُهُ النُّطْقُ بِالْحُكْمِ، وَلَا يَفْهَمُ جَمِيعُ النَّاسِ إشَارَتَهُ (مُجْتَهِدًا) إجْمَاعًا ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَلِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلّ لِحَاكِمٍ وَلَا لِمُفْتٍ تَقْلِيدُ رَجُلٍ لَا يَحْكُمُ وَلَا يُفْتِي إلَّا بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ فَاقِدَ الِاجْتِهَادِ إنَّمَا يَحْكُمُ بِالتَّقْلِيدِ وَالْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا الْمُفْتِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَامِّيًّا مُقَلِّدًا فَالْحَاكِمُ أَوْلَى.

(وَلَوْ) كَانَ اجْتِهَادُهُ (فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ) إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ (لِضَرُورَةٍ) لَكِنْ فِي الْإِفْصَاحِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى تَقْلِيدِ كُلٍّ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ مُجْتَهِدٍ فَإِنَّهُ إنَّمَا عُنِيَ بِهِ مَا كَانَتْ الْحَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ مَا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَذَاهِبُ.

وَقَالَ الْمُوَفَّقُ فِي خُطْبَةِ الْمُفْتِي: النِّسْبَةُ إلَى إمَامٍ فِي الْفُرُوعِ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لَيْسَتْ بِمَذْمُومَةٍ فَإِنَّ اخْتِلَافَهُمْ رَحْمَةٌ، وَاتِّفَاقَهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ (وَاخْتَارَ فِي الْإِفْصَاحِ وَالرِّعَايَةِ أَوْ مُقَلِّدًا) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: (وَعَلَيْهِ عَمِلَ النَّاسُ مِنْ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَإِلَّا تَعَطَّلَتْ أَحْكَامُ النَّاسِ وَكَذَا الْمُفْتِي) قَالَ ابْنُ يَسَارٍ مَا أَعِيبُ مَنْ يَحْفَظُ خَمْسَ مَسَائِلَ لِأَحْمَدَ يُفْتِي بِهَا، وَظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدِ اللَّهِ مُفْتٍ غَيْرَ مُجْتَهِدٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَلَى الْحَاجَةِ (فَيُرَاعِي كُلٌّ مِنْهُمَا أَلْفَاظَ إمَامِهِ وَ) يُرَاعِي مِنْ أَقْوَالِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>