(مُتَأَخِّرًا وَيُقَلِّدُ كِبَارَ مَذْهَبٍ فِي ذَلِكَ وَيَحْكُمُ بِهِ وَلَوْ اعْتَقَدَ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ مُقَلِّدٌ) وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الظَّاهِرِ عَنْهُ.
(قَالَ الشَّيْخُ مَنْصِبُ الِاجْتِهَادِ يَنْقَسِمُ) أَيْ يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ بِأَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ (حَتَّى لَوْ وَلَّاهُ فِي الْمَوَارِيثِ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَعْرِفَ إلَّا الْفَرَائِضَ وَالْقَضَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَإِنْ وَلَّاهُ عُقُودَ الْأَنْكِحَةِ وَفَسْخَهَا لَمْ يَجِبْ أَنْ يَعْرِفَ إلَّا ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَقُضَاةُ الْأَطْرَافِ يَجُوزُ أَنْ لَا يَقْضُوا فِي الْأُمُورِ الْكِبَارِ كَالدِّمَاءِ وَالْقَضَايَا الْمُشْكَلَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: اقْضِ فِيمَا نَعْلَمُ كَمَا يَقُول لَهُ: فِيمَا تَعْلَمُ جَازَ وَيَبْقَى مَا لَا يَعْلَمُ خَارِجًا عَنْ وِلَايَتِهِ انْتَهَى وَمِثْلُهُ لَا تَقْضِي فِيمَا مَضَى لَهُ عَشْرُ سِنِينَ وَنَحْوَهُ) لِخُصُوصِ وِلَايَتِهِ.
(وَيَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفُتْيَا بِالْهَوَى إجْمَاعًا وَلْيَحْذَرْ الْمُفْتِي أَنْ يَمِيلَ فِي فُتْيَاهُ مَعَ الْمُسْتَفْتِي أَوْ مَعَ خَصْمِهِ مِثْل أَنْ يَكْتُبَ فِي جَوَابِهِ مَا هُوَ لَهُ) فَقَطْ (أَوْ يَكْتُبَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ) فَقَطْ (وَنَحْوَ ذَلِكَ) بَلْ يَكْتُبُ مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ فِيمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ فِي مَسَائِلِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ بِذِكْرِ وُجُوهِ الْمَخَالِصِ مِنْهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ مَيْلٌ مَعَ أَحَدِهِمَا (وَإِنْ سَأَلَهُ بِأَيِّ شَيْءٍ تَنْدَفِعُ دَعْوَى كَذَا وَكَذَا وَبَيِّنَةُ كَذَا وَكَذَا؟ لَمْ يُجِبْ لِئَلَّا يَتَوَصَّلَ) السَّائِلُ (بِذَلِكَ إلَى إبْطَالِ حَقٍّ وَلَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ حَالِهِ فِيمَا ادَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا شَرَحَهُ) الْمُسْتَفْتِي (لَهُ) أَيْ لِلْمُفْتِي (عَرَّفَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ دَافِعٍ وَغَيْرِ دَافِعٍ) لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ (وَيَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفُتْيَا بِقَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي التَّرْجِيحِ إجْمَاعًا وَيَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ بِمُوجِبِ اعْتِقَادِهِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ إجْمَاعًا قَالَهُ الشَّيْخُ) :
(وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْقَاضِي كَاتِبًا) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أُمِّيًّا وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحُكْمِ كَوْنُهُ كَاتِبًا (أَوْ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُهُ (وَرِعًا أَوْ زَاهِدًا أَوْ يَقِظًا أَوْ مُثْبِتًا لِلْقِيَاسِ أَوْ حَسَنَ الْخَلْقِ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَاتِبًا وَرِعًا زَاهِدًا يَقِظًا مُثْبِتًا لِلْقِيَاسِ حَسَنَ الْخَلْقِ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ.
(قَالَ الشَّيْخُ: الْوِلَايَةُ لَهَا رُكْنَانِ: الْقُوَّةُ وَالْأَمَانَةُ، فَالْقُوَّةُ فِي الْحُكْمِ تَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ بِالْعَدْلِ وَتَنْفِيذِ الْحُكْمِ، وَالْأَمَانَةُ تَرْجِعُ إلَى خَشْيَةِ اللَّهِ) تَعَالَى.
(قَالَ: وَشُرُوطُ الْقَضَاءِ تُعْتَبَرُ حَسَبَ الْإِمْكَانِ وَيَجِبُ تَوْلِيَةُ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ) الْإِمَامِ (أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ فَيُوَلِّي لِلْعَدَمِ أَنْفَعَ الْفَاسِقِينَ وَأَقَلَّهُمَا شَرًّا، وَأَعْدَلَ الْمُقَلِّدِينَ وَأَعْرَفَهُمَا بِالتَّقْلِيدِ وَهُوَ كَمَا قَالَ) وَإِلَّا لَتَعَطَّلَتْ الْأَحْكَامُ وَاخْتَلَّ النِّظَام (وَالشَّابُّ الْمُتَّصِفُ بِالصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ كَغَيْرِهِ لَكِنْ الْأَسَنُّ أَوْلَى مَعَ التَّسَاوِي) فِي الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ وَوَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ مَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ إحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً (وَيُرَجَّحُ أَيْضًا بِحُسْنِ الْخُلُقِ) وَتَقَدَّمَ.
(وَ) يُرَجَّحُ (مَنْ كَانَ أَكْمَلَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute