قُلِّدَ أَحَدَهُمَا) أَيْ الْجُمُعَةِ أَوْ الْخَمْسِ (أَنْ يَؤُمَّ فِي عِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ) لِعَدَمِ شُمُولِ وِلَايَتِهِ لِذَلِكَ وَالْمُرَادُ عَلَى مَا سَبَقَ (إلَّا أَنْ يُقَلَّدَ جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ فَتَدْخُلُ) الْمَذْكُورَاتِ (فِي عُمُومِهَا) لِلْإِتْيَانِ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ.
(وَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ) بِالْإِجْمَاعِ وَسَنَدُهُ: قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] وَلَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَّا لِوَاجِبٍ وَالْمُرَادُ بِهِ: الذَّهَابُ إلَيْهَا لَا الْإِسْرَاعُ وَالسُّنَّةُ وَمِنْهَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ» وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى، قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ لِلتَّكْلِيفِ، فَلَا تَجِبُ عَلَى مَجْنُونٍ إجْمَاعًا وَلَا عَلَى صَبِيٍّ، لِمَا رَوَى طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ مَرْفُوعًا «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ، إلَّا أَرْبَعَةً عَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَوْ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَرِيضٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ طَارِقٌ قَدْ رَأَى، النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ،.
قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (ذَكَرٍ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْحُضُورِ فِي مَجَامِعِ الرِّجَالِ (حُرٍّ) لِأَنَّ الْعَبْدَ مَمْلُوكُ الْمَنْفَعَةِ مَحْبُوسٌ عَلَى سَيِّدِهِ، أَشْبَهَ الْمَحْبُوسَ بِالدَّيْنِ (مُسْتَوْطِنٍ بِبِنَاءٍ يَشْمَلُهُ) أَيْ الْبِنَاءُ (اسْمٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ تَفَرَّقَ) الْبِنَاءُ (يَسِيرًا) وَسَوَاءٌ كَانَ الْبِنَاءُ مِنْ حَجَرٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ نَحْوِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ طَارِقٍ " فِي جَمَاعَةٍ ".
(فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لَزِمَتْهُ) أَيْ الْجُمُعَةُ (وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعِهَا) أَيْ مَوْضِعِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ (فَرْسَخٌ، وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ) لِأَنَّهُ بَلَدٌ وَاحِدٌ، فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْبَعِيدِ وَالْقَرِيبِ، وَلِأَنَّ الْمِصْرَ لَا يَكَادُ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ (فَرْسَخٍ) فَهُوَ فِي مَظِنَّةِ الْقُرْبِ فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْبَلَدِ) الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ (كَمَنْ هُوَ فِي قَرْيَةٍ لَا يَبْلُغُ عَدَدُهُمْ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْجُمُعَةِ) وَهُوَ أَرْبَعُونَ (أَوْ كَانَ مُقِيمًا فِي خِيَامٍ) جَمْعُ خَيْمَةٍ وَهِيَ بَيْتٌ تَبْنِيهِ الْعَرَبُ مِنْ عِيدَانِ الشَّجَرِ.
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: لَا تَكُونُ الْخَيْمَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ ثِيَابٍ بَلْ مِنْ أَرْبَعَةِ أَعْوَادٍ وَتُسَقَّفُ بِالثُّمَامِ وَخَيَّمْت بِالْمَكَانِ بِالتَّشْدِيدِ: أَقَمْت فِيهِ.
ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَنَحْوِهَا) كَبُيُوتِ الشَّعْرِ (أَوْ) كَانَ (مُسَافِرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute