دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ وَبَيْنَهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مِنْ قَرْيَةٍ لَا يَبْلُغُونَ عَدَدَ الْجُمُعَةِ، أَوْ فِي خِيَامٍ وَنَحْوِهَا أَوْ مُسَافِرٌ دُونَ الْمَسَافَةِ (وَبَيْنَ مَوْضِعِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (مِنْ الْمَنَارَةِ نَصَّا) وَعَنْهُ مِنْ أَطْرَافِ الْبَلَدِ (أَكْثَرَ مِنْ فَرْسَخٍ تَقْرِيبًا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ) الْجُمُعَةُ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا وَلَا يَسْمَعُونَ نِدَاءَهَا.
(وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعِهَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَرْسَخٌ تَقْرِيبًا فَأَقَلَّ (لَزِمَتْهُ بِغَيْرِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ، يَسْمَعُ النِّدَاءَ كَأَهْلِ الْمِصْرِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ: إنَّمَا أَسْنَدَهُ قَبِيصَةُ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ مِنْ الثِّقَاتِ قَالَ فِي الشَّرْحِ: الْأَشْبَهُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَلَفْظُهُ " إنَّمَا الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ " وَالْعِبْرَةُ بِسَمَاعِهِ مِنْ الْمَنَارَةِ لَا بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ نَصَّ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ اعْتِبَارُ سَمَاعِ النِّدَاءِ غَيْرَ مُمْكِنٍ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِيهِمْ الْأَصَمُّ وَثَقِيلُ السَّمْعِ وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ فَيَخْتَصُّ بِسَمَاعِهِ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، اعْتَبَرَ بِمَظِنَّتِهِ وَالْمَوْضِعِ الَّذِي يَسْمَعُ فِيهِ النِّدَاءُ غَالِبًا - إذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ صَيِّتًا وَالرِّيَاحُ سَاكِنَةً، وَالْأَصْوَاتُ هَادِئَةً وَالْعَوَارِضُ مُنْتَفِيَةً - هُوَ فَرْسَخٌ فَلَوْ سَمِعَتْهُ قَرْيَةٌ مِنْ فَوْقِ فَرْسَخٍ، لِعُلُوِّ مَكَانِهَا، أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَنْ دُونَهُ لِجَبَلٍ حَائِلٍ، أَوْ انْخِفَاضٍ: لَمْ تَجِبْ فِي الْأُولَى، وَوَجَبَتْ فِي الثَّانِيَةِ، اعْتِبَارًا بِالْمَظِنَّةِ، وَإِقَامَتِهَا مَقَامَ الْمَئِنَّةِ وَمَحَلُّ لُزُومُهَا حَيْثُ لَزِمَتْ فِيهَا تُقَدَّمُ (إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ) مِمَّا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ الْجَمَاعَةِ.
(وَلَا تَجِبُ) الْجُمُعَةُ (عَلَى مُسَافِرٍ سَفَرَ قَصْرٍ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ كَانُوا يُسَافِرُونَ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهِ فَلَمْ يُصَلِّ أَحَدٌ مِنْهُمْ الْجُمُعَةَ فِيهِ مَعَ اجْتِمَاعِ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ وَكَمَا تَجِبُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ لَا تَلْزَمُهُ بِغَيْرِهِ نَصَّ عَلَيْهِ (مَا لَمْ يَكُنْ سَفَرُهُ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ) فَتَلْزَمُهُ، لِئَلَّا تَكُونَ الْمَعْصِيَةُ سَبَبًا لِلتَّخْفِيفِ عَنْهُ (فَلَوْ أَقَامَ) الْمُسَافِرُ سَفَرَ طَاعَةٍ يَبْلُغُ الْمَسَافَةَ (مَا يَمْنَعُ الْقَصْرَ لِشُغْلٍ) كَتَاجِرٍ أَقَامَ لِبَيْعِ مَتَاعِهِ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ (أَوْ عِلْمٍ وَنَحْوِهِ) كَرِبَاطٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
(وَلَمْ يَنْوِ اسْتِيطَانًا لَزِمَتْهُ بِغَيْرِهِ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ (وَلَا يَؤُمُّ فِيهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (مَنْ لَزِمَتْهُ بِغَيْرِهِ) لِعَدَمِ الِاسْتِيطَانِ وَلِئَلَّا يَصِيرَ التَّابِعُ مَتْبُوعًا (وَلَا جُمُعَةَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ نَصًّا) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِعْلُهَا هُنَاكَ وَلِلسَّفَرِ.
(وَلَا) جُمُعَةَ (عَلَى عَبْدٍ وَلَا مُعْتَقٍ بَعْضُهُ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَكَانَتْ الْجُمُعَةُ فِي نَوْبَتِهِ) أَيْ الْمُبَعَّضِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا عَلَى مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ) لِأَنَّهُ عَبْدٌ.
(وَهِيَ) أَيْ الْجُمُعَةُ (أَفْضَلُ فِي حَقِّهِمْ، وَ) فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute