للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِصِنَاعَةٍ أُخْرَى.

(وَمَعَ عَدَمِهَا) أَيْ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى قَطْعِ شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ (يَحْرُمُ) الْقَطْعُ (وَلَا يَصِحُّ) الِاسْتِئْجَارُ لَهُ، لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَنْعَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ قُلْت وَمِثْلُهُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ.

(وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ) الْأَرْمَدُ (كَحَّالًا لِيُكَحِّلَ عَيْنَيْهِ) لِأَنَّهُ عَمَلٌ جَائِزٌ يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ (وَيُقَدَّرُ ذَلِكَ بِالْمُدَّةِ) دُونَ الْبُرْءِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ (وَيَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ عَدَدِ مَا يُكَحِّلُهُ كُلَّ يَوْمٍ) فَيَقُولُ (مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ كَحَّلَهُ فِي الْمُدَّةِ فَلَمْ يَبْرَأْ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ) لِأَنَّهُ وَفَّى بِالْعَمَلِ.

(وَإِنْ بَرِئَ) الْأَرْمَدُ (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ الْمُدَّةِ (انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ) مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (وَكَذَا لَوْ مَاتَ) الْأَرْمَدُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ لِمَا مَرَّ، وَيَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِالْقِسْطِ.

(فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَرِيضُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ إتْمَامِ الْكُحْلِ (مَعَ بَقَاءِ الْمَرَضِ اسْتَحَقَّ الطَّبِيبُ الْأُجْرَةَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ) لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ وَقَدْ بَذَلَ الْأَجِيرُ مَا عَلَيْهِ (فَإِنْ قَدَّرَهَا) أَيْ الْمُدَّةَ (بِالْبُرْءِ لَمْ يَصِحَّ) ذَلِكَ (إجَارَةً وَلَا جِعَالَةً) لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يَنْضَبِطُ (وَيَأْتِي) أَيْضًا (فِي الْجِعَالَةِ) .

، (وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ) الْمَرِيضُ (طَبِيبًا لِمُدَاوَاتِهِ وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الْكَحَّالِ) .

(إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الدَّوَاءِ عَلَى الطَّبِيبِ) بِخِلَافِ الْكُحْلِ، يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ عَلَى الْكَحَّالِ، وَيَدْخُلُ تَبَعًا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَجَرْيِ الْعَادَةِ بِهِ فِي الْكَحِيلِ دُونَ الدَّوَاءِ.

وَيَمْلِكُ الْأُجْرَةَ وَلَوْ أَخْطَأَ فِي تَطْبِيبِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ قَالَ: وَيَلْزَمُهُ مَا الْعَادَةُ أَنْ يُبَاشِرَهُ مِنْ وَصْفِ الْأَدْوِيَةِ وَتَرْكِيبِهَا وَعَمَلِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، عَادَتُهُ تَرْكِيبُهَا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ حُقْنَةٍ وَفَصْدٍ وَنَحْوِهِمَا إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُبَاشِرَهُ وَإِلَّا فَلَا.

(وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَقْلَعُ لَهُ ضِرْسَهُ) عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى قَلْعِهِ (فَإِنْ أَخْطَأَ فَقَلَعَ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِقَلْعِهِ ضَمِنَهُ) لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ وَلَا فَرْقَ فِي ضَمَانِهَا بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ إلَّا فِي الْقِصَاصِ وَعَدَمِهِ (وَإِنْ بَرِئَ الضِّرْسُ قَبْلَ قَلْعِهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ) لِأَنَّ قَلْعَهُ لَا يَجُوزُ (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (فِي بُرْئِهِ) أَيْ الضِّرْسِ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِهِ.

(وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ) الضِّرْسُ (لَكِنْ امْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ قَلْعِهِ لَمْ يُجْبَرْ) عَلَى قَلْعِهِ لِأَنَّهُ إتْلَافُ جُزْءٍ مِنْ الْآدَمِيِّ مُحَرَّمٍ فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ إذَا صَارَ بَقَاؤُهُ ضَرَرًا، وَذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى كُلِّ إنْسَانٍ فِي نَفْسِهِ إذَا كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ وَصَاحِبُ الضِّرْسِ أَعْلَمُ بِمَضَرَّتِهِ وَنَفْعِهِ وَقَدْرِ أَلَمِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>