الطَّوَافِ تَدْخُلُ تَبَعًا، وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ الصَّوْمِ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرُ صَلَاةٍ وَنَحْوُهُ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ: كُلُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا مُسْلِمٌ وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِحَيٍّ أَوْ لِمَيِّتٍ نَفَعَهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَنَحْوَهَا لَيْسَتْ وَاقِعَةً عَنْ الْغَيْرِ، بَلْ لِلْفَاعِلِ وَثَوَابُهَا لِلْمَفْعُولِ عَنْهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(فَإِذَا وَصَّى بِدَرَاهِمَ لِمَنْ يُصَلِّي عَنْهُ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ) تَحْصِيلًا لِغَرَضِهِ فِي الْجُمْلَةِ.
(وَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ، كَتَفْرِقَةِ الصَّدَقَةِ وَلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ) وَلَحْمِ الْهَدْيِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ لَصِحَّتِهِ مِنْ الذِّمِّيِّ.
(وَتَصِحُّ) الْإِجَارَةُ (عَلَى تَعْلِيمِ الْخَطِّ وَالْحِسَابِ وَالشِّعْرِ الْمُبَاحِ وَشِبْهِهِ) لِأَنَّهُ تَارَةً يَقَعُ قُرْبَةً وَتَارَةً يَقَعُ غَيْرَ قُرْبَةٍ فَلَمْ يَمْنَعْ الِاسْتِئْجَارَ لِفِعْلِهِ، كَغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَبِنَاءِ الْبُيُوتِ.
(فَإِنْ نَسِيَهُ) أَيْ مَا تَعَلَّمَهُ مِنْ شِعْرٍ وَحِسَابٍ وَنَحْوِهِ (فِي الْمَجْلِسِ أَعَادَ تَعْلِيمَهُ) لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعُرْفِ (وَإِلَّا) بِأَنْ نَسِيَهُ بَعْدَ الْمَجْلِسِ (فَلَا) يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
(وَتَصِحُّ) الْإِجَارَةُ (عَلَى بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَكَنْسِهَا وَإِسْرَاجِ قَنَادِيلِهَا، وَفَتْحِ أَبْوَابِهَا وَنَحْوِهِ) كَتَجْمِيرِهَا (وَعَلَى بِنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَنَحْوِهَا) كَالرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ وَالْخَوَانِكِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْجُمَهُ صَحَّ كَ) مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِ (فَصْدٍ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ «احْتَجَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَلَوْ عَلِمَهُ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ فَجَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا كَالْبِنَاءِ وَلِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إلَيْهَا وَلَا يَجِدُ كُلُّ أَحَدٍ مُتَبَرِّعًا بِهَا، فَجَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا كَالرَّضَاعِ (وَيُكْرَهُ لِلْحُرِّ أَكْلُ أُجْرَتِهِ كَ) مَا يُكْرَهُ لِلْحُرِّ (أَخْذُ) أَيْ أَكْلُ (مَا أَعْطَاهُ) الْمُحْتَجِمُ (بِلَا شَرْطٍ) وَيُطْعِمُهُ الرَّقِيقَ وَالْبَهَائِمَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَالَ: «أَطْعِمْهُ نَاضِحَكَ وَرَقِيقَكَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، فَدَلَّ عَلَى إبَاحَتِهِ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُطْعِمَ رَقِيقَهُ مَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ فَإِنَّ الرَّقِيقَ آدَمِيٌّ يُمْنَعُ مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ الْحُرُّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَسْمِيَتِهِ خَبِيثًا التَّحْرِيمُ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ سَمَّى الْبَصَلَ وَالثُّومَ خَبِيثَيْنِ مَعَ إبَاحَتِهِمَا وَخَصَّ الْحُرَّ بِذَلِكَ تَنْزِيهًا لَهُ.
(وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ لِحَلْقِ الشَّعَرِ) الْمَطْلُوبِ أَوْ الْمُبَاحِ أَخْذُهُ (وَ) لِ (تَقْصِيرِهِ وَلِخِتَانٍ وَقَطْعِ شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى قَطْعِهِ لِنَحْوِ أَكْلِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ مَقْصُودَةٌ وَلَا يُكْرَهُ أَكْلُ أُجْرَتِهِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ» يَعْنِي بِالْحِجَامَةِ كَمَا نَهَى عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ، وَكَمَا لَوْ كَسَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute