الْفَسْخُ مِنْ الْجَاعِلِ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَامِلِ فَلَا شَيْءَ لَهُ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ لَكِنْ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا.
(وَيَحْرُمُ وَلَا تَصِحُّ إجَارَةٌ عَلَى عَمَلٍ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ وَهُوَ الْمُسْلِمُ وَلَا يَقَعُ) ذَلِكَ الْعَمَلُ (إلَّا قُرْبَةً لِفَاعِلِهِ كَالْحَجِّ أَيْ النِّيَابَةِ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَجِّ.
(وَالْعُمْرَةِ وَالْأَذَانِ وَنَحْوِهَا كَإِقَامَةٍ وَإِمَامَةِ صَلَاةٍ، وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَفِقْهِ حَدِيثٍ وَكَذَا الْقَضَاءُ قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ) لِمَا رَوَى عُبَادَةُ قَالَ: «عَلَّمْتُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْقُرْآنَ فَأَهْدَى لِي رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنْ سَرَّكَ أَنْ يُقَلِّدَكَ اللَّهُ قَوْسًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّهُ عَلَّمَ رَجُلًا سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ فَأَهْدَى لَهُ خَمِيصَةً أَوْ ثَوْبًا فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّكَ لَوْ لَبِسْتَهَا أَلْبَسَكَ اللَّهُ مَكَانَهَا ثَوْبًا مِنْ نَارٍ» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ كَوْنَهَا قُرْبَةً إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَجُزْ أَخْذُ الْأُجْرَةِ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يُصَلُّونَ خَلْفَهُ.
(وَيَصِحُّ أَخْذُ جِعَالَةٍ عَلَى ذَلِكَ كَ) مَا يَجُوزُ (أَخْذُهُ) عَلَيْهِ (بِلَا شَرْطٍ وَكَذَا) حُكْمُ (رُقْيَةٍ) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَمَّا حَدِيثُ الْقَوْسِ وَالْخَمِيصَةِ فَقَضِيَّتَانِ فِي عَيْنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ أَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ خَالِصًا فَكَرِهَ أَخْذَ الْعِوَضِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي عَلَى أَنَّ أَحَادِيثَهُمَا لَا تُقَاوِمُ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ، فَفِي إسْنَادِهِمَا مَقَالٌ.
(وَلَهُ أَخْذُ رِزْقٍ عَلَى مَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ) كَالْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا وَالْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ، وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَنَحْوِهَا (كَ) مَا يَجُوزُ أَخْذُ (الْوَقْفِ عَلَى مَنْ يَقُومُ بِهَذِهِ الْمَصَالِحِ) الْمُتَعَدِّي نَفْعُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِوَضٍ، بَلْ الْقَصْدُ بِهِ الْإِعَانَةُ عَلَى الطَّاعَةِ، وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ قُرْبَةً وَلَا يَقْدَحُ فِي الْإِخْلَاصِ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَحَ مَا اُسْتُحِقَّتْ الْغَنَائِمُ (بِخِلَافِ الْأَجْرِ) فَيَمْتَنِعُ أَخْذُهُ عَلَى ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ رِزْقٍ، وَ) لَا (جُعْلٍ، وَ) لَا (أَجْرَ عَلَى مَا لَا يَتَعَدَّى) نَفْعُهُ (كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ خَلْفَهُ) بِأَنْ أَعْطَى لِمَنْ يُصَلِّي مَأْمُومًا مَعَهُ جُعْلًا أَوْ أُجْرَةً أَوْ رِزْقًا (وَصَلَاتُهُ لِنَفْسِهِ وَحَجُّهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَدَاءُ زَكَاةِ نَفْسِهِ وَنَحْوُهُ) كَاعْتِكَافِهِ وَطَوَافِهِ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْأَجْرَ عِوَضُ الِانْتِفَاعِ وَلَمْ يَحْصُلْ لِغَيْرِهِ هَهُنَا انْتِفَاعٌ فَأَشْبَهَ إجَارَةَ الْأَعْيَانِ الَّتِي لَا نَفْعَ فِيهَا (وَلَا) يَصِحُّ (أَنْ يُصَلِّيَ عَنْهُ) وَفِي نُسَخٍ عَنْ (غَيْرِهِ فَرْضًا وَلَا نَافِلَةً فِي حَيَاتِهِ، وَلَا فِي مَمَاتِهِ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ فَلَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ رَكْعَتَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute