للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ قِيلَ لَهُ: مَسِيرَةُ يَوْمٍ تَامٍّ؟ قَالَ لَا أَرْبَعَةُ بُرُدٍ سِتَّةَ عَشْرَ فَرْسَخًا مَسِيرَةُ يَوْمَيْنِ وَقَدْ قَدَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ عُسْفَانَ إلَى مَكَّةَ زَمَنَ الطَّائِفِ إلَى مَكَّةَ وَمِنْ جُدَّةَ إلَى مَكَّةَ وَذَلِكَ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَقْصُرُوا فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إلَى عُسْفَانَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ خُصُوصًا إذَا خَالَفَ الْقِيَاسَ وَلِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ (فَلَهُ قَصْرُ الرُّبَاعِيَّةِ) مِنْ ظُهْرٍ وَعَصْرٍ وَعِشَاءٍ جَوَابُ مَنْ ابْتَدَأَ سَفَرًا (خَاصَّةً) أَيْ دُونَ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ وَإِنَّمَا لَمْ تُقْصَرْ الْفَجْرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ مِنْهَا رَكْعَةٌ بَقِيَ أُخْرَى وَلَا نَظِيرَ لَهَا فِي الْفَرْضِ، وَلَا الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهَا وَتْرُ النَّهَارِ فَإِذَا سَقَطَ مِنْهَا رَكْعَةٌ بَطَلَ كَوْنُهَا وَتْرًا وَإِنْ سَقَطَ مِنْهَا رَكْعَتَانِ صَارَ الْبَاقِي رَكْعَةً وَلَا نَظِيرَ لَهَا فِي الْفَرْضِ (إلَى رَكْعَتَيْنِ إجْمَاعًا) لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَكَذَا) لِلْمُسَافِرِ السَّفَرَ الْمُتَقَدِّمَ (الْفِطْرُ) بِرَمَضَانَ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» .

(وَلَوْ قَطَعَهَا) أَيْ الْمَسَافَةَ (فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَافَرَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ (وَمَتَى صَارَ الْأَسِيرُ بِبَلَدِهِمْ) أَيْ الْكُفَّارِ (أَتَمَّ) الصَّلَاةَ (نَصًّا) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِيمًا (وَامْرَأَةٌ وَعَبْدٌ وَجُنْدِيٌّ: تَبَعٌ لِزَوْجٍ وَسَيِّدٍ وَأَمِيرٍ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (فِي نِيَّتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ أَوْ الْأَمِيرِ الْمَسَافَةُ وَالْإِقَامَةُ.

(وَ) فِي (سَفَرِهِ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ وَالسَّيِّدَ وَالْأَمِيرَ، إنْ كَانُوا بِسَفَرٍ يُبِيحُ الْقَصْرَ وَالْفِطْرَ، أُبِيحَ لِلزَّوْجَةِ وَالْقِنِّ وَالْجُنْدِيِّ الْمُسَافِرِينَ مَعَهُمْ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعٌ لَهُمْ فَلَهُمْ حُكْمُهُمْ.

(وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لِشَرِيكَيْنِ) أَحَدُهُمَا مُسَافِرٌ وَالْآخَرُ مُقِيمٌ (تَرَجَّحَ إقَامَةُ أَحَدِهِمَا) ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ (وَلَا يُتَرَخَّصُ فِي سَفَرِ مَعْصِيَةٍ بِقَصْرٍ وَلَا فِطْرٍ، وَلَا أَكْلِ مَيْتَةٍ نَصًّا) ؛ لِأَنَّهَا رُخَصٌ وَالرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي (فَإِنْ خَافَ) الْمُسَافِرُ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ (عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَأْكُلْ) الْمَيْتَةَ (قِيلَ لَهُ: تُبْ وَكُلْ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّوْبَةِ كُلَّ وَقْتٍ وَتَقَدَّمَ مَعْنَى التَّوْبَةِ، وَيَأْتِي أَيْضًا فِي الشَّهَادَاتِ.

(وَلَا) يُتَرَخَّصُ (فِي سَفَرٍ مَكْرُوهٍ) كَالسَّفَرِ لِفِعْلِ مَكْرُوهٍ (وَلِلنَّهْيِ عَنْهُ وَيُتَرَخَّصُ إنْ قَصَدَ مَشْهَدًا أَوْ قَصَدَ مَسْجِدًا وَلَوْ غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَوْ قَصَدَ قَبْرَ نَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ) كَوَلِيٍّ وَحَدِيثُ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» أَيْ لَا يُطْلَبُ ذَلِكَ فَلَيْسَ نَهْيًا عَنْ شَدِّهَا لِغَيْرِهَا، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْتِي قُبَاءَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>