للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ) لَا يَسْقُطُ بِالْمُشَارَكَةِ أَوْ الْإِعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى (فَلَا يَجْمَعُ بَيْن مَعْصِيَتَيْنِ) بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِقْلَاعُ عَنْهُمَا (وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ إلَّا عَلَى مُكَلَّفٍ) لِحَدِيثِ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ» وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ إذَا أُسْقِطَ عَنْهُ التَّكْلِيفُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْإِثْمُ فِي الْمَعَاصِي فَالْحَدُّ الْمَبْنِيُّ عَلَى الدَّرْءِ بِالشُّبُهَاتِ أَوْلَى (مُلْتَزِمٌ) أَحْكَامَ الْمُسْلِمِينَ فَيَخْرُجُ الْحَرْبِيُّ وَالْمُسْتَأْمَنُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الذِّمِّيُّ وَتَقَدَّمَ فِي الْهُدْنَةِ أَنَّ الْمُعَاهَدَ يُؤْخَذُ بِحَدِّ آدَمِيٍّ لَا حَدَّ لِلَّهِ (عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ) لِقَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ لَا حَدَّ إلَّا عَلَى مَنْ عَلِمَهُ فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ زَنَى جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ أَوْ عَيْن الْمَرْأَةَ الَّتِي زَنَى بِهَا بِأَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ بِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ.

(فَإِنْ زَنَى الْمَجْنُونُ فِي إفَاقَتِهِ) فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ (أَوْ أَقَرَّ فِي إفَاقَتِهِ أَنَّهُ زَنَى فِي إفَاقَتِهِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) قَالَ فِي الْمُبْدِع بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ قَالَ (فَإِنْ أَقَرَّ فِي إفَاقَتِهِ) أَنَّهُ زَنَى (وَلَمْ يُضِفْهُ إلَى حَالِ) إفَاقَةٍ وَلَا جُنُونٍ (أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالزِّنَا وَلَمْ تُضِفْهُ إلَى إفَاقَتِهِ فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ لِلِاحْتِمَالِ وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ (وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ أَوْ زَنَى بِهَا) الرَّجُلُ (وَهِيَ نَائِمَةٌ فَلَا حَدَّ عَلَى النَّائِم مِنْهُمَا) لِحَدِيثِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَإِنْ جَهِلَ) الزَّانِي (تَحْرِيمَ الزِّنَا وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ أَوْ) جَهِلَ (تَحْرِيمَ عَيْنِ الْمَرْأَة مِثْلَ أَنْ يُزَفَّ إلَيْهِ) امْرَأَةٌ (غَيْرَ امْرَأَتِهِ فَيَظُنُّهَا امْرَأَتَهُ أَوْ تُدْفَعُ إلَيْهِ مُعَارِيَةٌ فَيَظُنُّ أَنَّهَا جَارِيَتُهُ فَيَطَؤُهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) وَذَلِكَ لِحَدِيثِ: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .

(وَيَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ إلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَيَفْتَقِرُ إلَى اجْتِهَادٍ وَلَا يُؤْمَنُ مَعَهُ الْحَيْفُ فَوَجَبَ تَفْوِيضُهُ إلَى نَائِبِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُقِيمُ الْحُدُود فِي حَيَاتِهِ وَكَذَلِكَ خُلَفَاؤُهُ بَعْدَهُ (لَكِنْ لَوْ أَقَامَهُ) أَيْ الْحَدَّ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرَ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ (لَمْ يَضْمَنْهُ نَصًّا فِيمَا حَدَّهُ الْإِتْلَافُ) كَرَجْمِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَقَتْلِ الْمُرْتَدِّ وَالْقَاتِلِ فِي الْمُحَارَبَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُعَزَّرُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ قُلْتُ لَوْ قَطَعَ إنْسَانٌ يَدَ السَّارِقِ الْيُمْنَى هَلْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ؟ لَمْ أَقِف وَالْمُتَبَادِرُ تَنَاوُلُ الْعِبَارَةِ لَهُ (إلَّا السَّيِّدَ الْحُرَّ) خَرَجَ الْمُكَاتَبُ (الْمُكَلَّفُ الْعَالِمُ بِهِ) أَيْ بِالْحَدِّ دُونَ الْجَاهِل بِهِ (وَبِشُرُوطِهِ) أَيْ الْحَدِّ (وَلَوْ) كَانَ السَّيِّدُ (فَاسِقًا أَوْ امْرَأَةً فَلَهُ إقَامَةُ الْحَدِّ بِالْجَلْدِ فَقَطْ عَلَى رَقِيقِهِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا قَالَ: «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>