قَسَمَ مَالَهُ بَيْنَ وُرَّاثِهِ فِي حَيَاتِهِ (وَلَدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ اُسْتُحِبَّ لِلْمُعْطِي أَنْ يُسَاوِيَ الْمَوْلُودَ الْحَادِثَ بَعْدَ أَبِيهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الصِّلَةِ وَإِزَالَةِ الشَّحْنَاءِ.
(وَيُسْتَحَبُّ) لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقِفَ شَيْئًا عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ أَقَارِبِهِ (التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي الْوَقْفِ) بِأَنْ لَا يُفَضِّلَ ذَكَرًا عَلَى أُنْثَى (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي بَابِ الْوَقْفِ) مُوَضَّحًا.
(وَإِنْ وَقَفَ) شَخْصٌ (ثُلُثَهُ) فَأَقَلَّ (فِي مَرَضِهِ) الْمَخُوفِ (عَلَى بَعْضِ وُرَّاثِهِ) جَازَ (أَوْ وَصَّى بِوَقْفِهِ) أَيْ: الثُّلُثِ (عَلَيْهِمْ) أَيْ: عَلَى بَعْضِ وُرَّاثِهِ (جَازَ) قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْمَيْمُونِيُّ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقِفَ فِي مَرَضِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ فَقِيلَ لَهُ أَلَيْسَ تَذْهَبُ أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ فَقَالَ نَعَمْ وَالْوَقْفُ غَيْرُ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ وَلَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ أَيْ: مِلْكًا طَلْقًا.
وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بِحَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ قَالَ " هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ أَنَّ تَمْغًا صَدَقَةٌ وَالْعَبْدَ الَّذِي فِيهِ، وَالسَّهْمُ الَّذِي بِخَيْبَرَ، رَقِيقَهُ، وَالْمِائَةُ وَسْقٍ الَّذِي أَطْعَمَنِي مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَلِيهِ حَفْصَةُ مَا عَاشَتْ، ثُمَّ يَلِيهِ ذُو الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا لَا يُبَاعَ وَلَا يُشْتَرَى، تُنْفِقُهُ حَيْثُ تَرَى مِنْ السَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَذَوِي الْقُرْبَى، وَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ إنْ أَكَلَ أَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا (وَيَجْرِي) الْوَقْفُ عَلَى وَرَثَتِهِ (مَجْرَى الْوَصِيَّةِ) فِي أَنَّهُ يَنْفُذُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ بِهِ لَا فِي تَوَقُّفِهِ عَلَى الْإِجَازَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَرِيضٍ) مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ (عَلَى أَجْنَبِيٍّ) بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ (أَوْ) عَلَى (وَارِثٍ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ: ثُلُثِ مَالِهِ كَالْعَطِيَّةِ فِي الْمَرَضِ، وَالْوَصِيَّةِ قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَلَوْ حِيلَةً كَعَلَيَّ نَفْسُهُ ثُمَّ عَلَيْهِ انْتَهَى لِأَنَّ الْحِيَلَ غَيْرُ جَائِزَةٍ إذَا كَانَتْ وَسِيلَةَ الْمُحَرَّمِ.
(وَلَا يَجُوزُ لِوَاهِبٍ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، وَلَوْ صَدَقَةً وَهَدِيَّةً وَنِحْلَةً، أَوْ نُقُوطًا وَحُمُولَةً فِي عُرْسٍ وَنَحْوِهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ، ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ قَالَ قَتَادَةَ: وَلَا أَعْلَمُ الْقَيْءَ إلَّا حَرَامًا وَسَوَاءٌ عَوَّضَ عَنْهَا أَوْ لَمْ يُعَوِّضْ لِأَنَّ الْهِبَةَ الْمُطْلَقَةَ لَا تَقْتَضِي الثَّوَابَ، وَتَقَدَّمَ (أَوْ) أَيْ: وَلَوْ (تَعَلَّقَ بِالْمَوْهُوبِ رَغْبَةُ الْغَيْرِ بِأَنْ نَاكَحَ) إنْسَانٌ (الْوَلَدَ) الْمَوْهُوبِ لِوُجُودِ ذَلِكَ الَّذِي وَهَبَهُ لَهُ وَالِدُهُ، بِأَنْ زَوَّجَهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ تَزَوَّجَهُ إنْ كَانَ أُنْثَى لِذَلِكَ (أَوْ دَايَنَهُ) أَيْ: بَاعَهُ أَوْ أَقْرَضَهُ، أَوْ أَجَرَهُ وَنَحْوُهُ (لِوُجُودِ ذَلِكَ) الَّذِي وَهَبَهُ أَبُوهُ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ رُجُوعَ الْأَبِ فِيمَا وَهَبَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute