الْحِلِّ وَالْحَرَمِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيُسَنُّ إشْعَارُ الْبُدْنِ) بِضَمِّ الْبَاءِ جَمْعُ بَدَنَةٍ (فَيَشُقُّ صَفْحَةَ سَنَامِهَا) بِفَتْحِ السِّينِ (الْيُمْنَى أَوْ) يَشُقُّ (مَحَلَّهُ) أَيْ: السَّنَامِ (مِمَّا لَا سَنَامَ لَهُ مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ، حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ وَتُقَلَّدُ هِيَ) أَيْ: الْبُدْنُ.
(وَ) تُقَلَّدُ (بَقَرٌ، وَغَنَمٌ نَعْلًا، أَوْ آذَانَ الْقِرَبِ، أَوْ الْعُرَى) بِضَمِّ الْعَيْنِ جَمْعُ عُرْوَةٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ «فَتَلْت قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفَعَلَهُ الصَّحَابَةُ أَيْضًا وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ دَعَا بِبُدْنِهِ، فَأَشْعَرَهَا مِنْ صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ وَسَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا بِيَدِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ لَا يُقَالُ: إنَّهُ إيلَامٌ؛ لِأَنَّهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فَجَازَ كَالْكَيِّ وَالْوَسْمِ وَالْحِجَامَةِ وَفَائِدَتُهُ: أَنْ لَا تَخْتَلِطَ بِغَيْرِهَا، وَأَنْ يَتَوَقَّاهَا اللِّصَّ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالتَّقْلِيدِ بِمُفْرَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُحَلَّ، وَيَذْهَبَ.
(وَلَا يُسَنُّ إشْعَارُ الْغَنَمِ) ؛ لِأَنَّهَا ضَعِيفَةٌ؛ وَلِأَنَّ صُوفَهَا وَشَعْرَهَا يَسْتُرُ مَوْضِعَ إشْعَارِهَا لَوْ أُشْعِرَتْ.
(وَإِذَا سَاقَ الْهَدْيَ) مِنْ (قَبْلِ الْمِيقَاتِ اُسْتُحِبَّ إشْعَارُهُ وَتَقْلِيدُهُ مِنْ الْمِيقَاتِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
(وَإذَا نَذَرَ هَدْيًا مُطْلَقًا، فَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ شَاةٌ أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ سُبْعُ بَقَرَةٍ) كَالْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ الْمُطْلَقِ (فَإِنْ ذَبَحَ) مَنْ نَذَرَ هَدْيًا وَأَطْلَقَ (الْبَدَنَةَ أَوْ الْبَقَرَةَ، كَانَتْ كُلُّهَا وَاجِبَةً) لِتَعَيُّنِهَا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِذَبْحِهَا عَنْهُ.
(وَإِنْ نَذَرَ بَدَنَةً أَجْزَأَتْهُ بَقَرَةٌ إنْ أَطْلَقَ) الْبَدَنَةَ لِمُسَاوَاتِهَا لَهَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُطْلِقْ، بَلْ نَوَى مُعَيَّنًا مِنْ الْإِبِلِ (لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ) كَمَا لَوْ نَوَى كَوْنَهَا مِنْ الْبَقَرِ، وَكَمَا لَوْ عَيَّنَهُ بِاللَّفْظِ (فَإِنْ عَيَّنَ شَيْئًا بِنَذْرِهِ) بِأَنْ قَالَ: هَذَا هَدْيٌ، أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ هَذَا هَدْيًا وَنَحْوَهُ (أَجْزَأَهُ مَا عَيَّنَهُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا مِنْ حَيَوَانٍ) ، وَلَوْ مَعِيبًا وَغَيْرَ حَيَوَانٍ كَدَرَاهِمَ وَعَقَارٍ (وَغَيْرِهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ بِإِيجَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ لَمْ يُوجِبْ سِوَى هَذَا، فَأَجْزَأَهُ كَيْفَ كَانَ (وَالْأَفْضَلُ) كَوْنُ الْهَدْيِ (مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(وَإِنْ قَالَ إنْ لَبِسْت ثَوْبًا مِنْ غَزْلِك فَهُوَ هَدْيٌ، فَلَبِسَهُ أَهْدَاهُ) وُجُوبًا إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ لِوُجُودِ شَرْطِ النَّذْرِ (وَعَلَيْهِ إيصَالُهُ) أَيْ: الْهَدْيِ مُطْلَقًا (إلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣] ؛ وَلِأَنَّ النَّذْرَ يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا، وَالْمَعْهُودُ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ: بِالشَّرْعِ، كَهَدْيِ الْمُتْعَةِ يَذْبَحُهُ بِالْحَرَمِ فَكَذَا يَكُونُ الْمَنْذُورُ.
(وَيَبِيعُ غَيْرَ الْمَنْقُولِ كَالْعَقَارِ، وَيَبْعَثُ ثَمَنَهُ إلَى الْحَرَمِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute