لِتَعَذُّرِ إهْدَائِهِ بِعَيْنِهِ، فَانْصَرَفَ إلَى بَدَلِهِ.
يُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ امْرَأَةٍ نَذَرَتْ أَنْ تُهْدِيَ دَارًا قَالَ: تَبِيعُهَا وَتَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ.
وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ عَلِيُّ (ابْنُ عَقِيلٍ أَوْ يُقَوِّمُهُ) أَيْ: الْعَقَارَ (وَيَبْعَثُ الْقِيمَةَ) إلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْقِيمَةُ الَّتِي هِيَ بَدَلُهُ، لَا نَفْسَ الْبَيْعِ (إلَّا أَنْ يُعَيِّنَهُ) أَيْ: الْمَنْذُورَ (لِمَوْضِعٍ سِوَى الْحَرَمِ، فَيَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي عَيَّنَهُ (وَتَفْرِقَةُ لَحْمِهِ عَلَى مَسَاكِينِهِ) أَيْ: مَسَاكِينِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (أَوْ إطْلَاقُهُ لَهُمْ) أَيْ: لِمَسَاكِينِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ) الَّذِي عَيَّنَهُ (بِهِ صَنَمٌ أَوْ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الْكُفْرِ أَوْ الْمَعَاصِي كَبُيُوتِ النَّارِ وَالْكَنَائِسِ وَنَحْوِهَا، فَلَا يُوفِ بِهِ) أَيْ: بِنَذْرِهِ رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنِّي نَذَرْت أَنْ أَذْبَحَ بِالْأَبْوَاءِ قَالَ: أَبِهَا صَنَمٌ قَالَ: لَا قَالَ: أَوْفِ بِنَذْرِك» .
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ هَدْيِهِ التَّطَوُّعِ، وَيُهْدِي وَيُهْدِي وَيَتَصَدَّقُ أَثْلَاثًا) وقَوْله تَعَالَى: {فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: ٢٨] وَأَقَلُّ أَحْوَالِ الْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ مِنْ بُدْنِهِ.
وَقَالَ جَابِرٌ كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «كُلُوا وَتَزَوَّدُوا فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا: ثُلُثٌ لَك، وَثُلُثٌ لِأَهْلِك، وَثُلُثٌ لِلْمَسَاكِينِ» قَالَ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ أَيْ: الْمَأْكُولُ: الْيَسِيرُ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَأَكَلْنَا مِنْهَا، وَحَسَيْنَا مِنْ مَرَقِهَا» ؛ وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ فَاسْتُحِبَّ الْأَكْلُ مِنْهُ (كَالْأُضْحِيَّةِ) وَلَهُ التَّزَوُّدُ وَالْأَكْلُ كَثِيرًا لِحَدِيثِ جَابِرٍ (فَإِنْ أَكَلَهَا) أَيْ: الذَّبِيحَةَ هَدْيًا تَطَوُّعًا (كُلَّهَا ضَمِنَ الْمَشْرُوعَ لِلصَّدَقَةِ مِنْهَا كَأُضْحِيَّةٍ) أَكَلَهَا كُلَّهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَيَأْتِي.
(وَإِنْ فَرَّقَ أَجْنَبِيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute