قِيلَ لِأَحْمَدَ: قَبْلَ التَّكْبِيرِ تَقُولُ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ يَكُونُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: ٧] {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: ٨] وَمِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي بَابِ الْأَذَانِ: وَيَدْعُو عِنْدَ إقَامَةٍ أَيْ: قَبْلَهَا قَرِيبًا، لَا بَعْدَهَا، جَمْعًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ (وَإِنْ دَعَا) بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالتَّكْبِيرِ (فَلَا بَأْسَ) بِهِ، إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ (فَعَلَهُ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ وَرَفَعَ يَدَيْهِ) حَكَاهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ فِي الْأَذَانِ بَعْدَهُ.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ خِلَافُهُ، كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ (ثُمَّ يُسَوِّي) أَيْ: يَأْمُرُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (الْإِمَامُ الصُّفُوفَ نَدْبًا بِمُحَاذَاةِ الْمَنَاكِبِ وَالْأَكْعُبِ دُونَ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ فَيَلْتَفِتُ) الْإِمَامُ (عَنْ يَمِينِهِ قَائِلًا: اعْتَدِلُوا وَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ.
وَفِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ) وَتَبِعَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: (يَقُول اسْتَوُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ وَعَنْ يَسَارِهِ كَذَلِكَ) .
وَفِي الرِّعَايَةِ " اعْتَدِلُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ " وَذَلِكَ لِمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ إلَى جَانِبِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَوْمًا فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي لِمَ صُنِعَ هَذَا الْعُودُ؟ فَقُلْت: لَا وَاَللَّهِ فَقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ أَخَذَهُ بِيَمِينِهِ، فَقَالَ: اعْتَدِلُوا وَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ ثُمَّ أَخَذَهُ بِيَسَارِهِ، وَقَالَ: اعْتَدِلُوا وَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَ (لِأَنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَّامِ الصَّلَاةِ) لِلْخَبَرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ يَنْبَغِي أَنْ تُقَامَ الصُّفُوفُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ) أَيْ مَوْقِفَهُ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَتْ الصَّلَاةُ لَتُقَامُ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَأْخُذُ النَّاسُ مَصَافَّهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَامَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَيُسَنُّ تَكْمِيلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي يَلِيه وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهُوا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَى ذَلِكَ لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ» وَظَاهِرُهُ: حَتَّى بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فِي مِحْرَابِ زِيَادَةِ عُثْمَانَ.
(وَ) يُسَنُّ (تَرَاصُّ الْمَأْمُومِينَ، وَسَدُّ خُلَلِ الصُّفُوفِ) لِتُشْبِهَ صُفُوفَ الْمُجَاهِدِينَ (فَلَوْ تَرَكَ الْقَادِرُ) الصَّفَّ (الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ كُرِهَ) لَهُ ذَلِكَ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَيْضًا (وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ) لِلرِّجَالِ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " لِتَكُونُوا فِي الَّذِي يَلِينِي " (وَهُوَ) أَيْ: الصَّفُّ الْأَوَّلُ: (مَا يَقْطَعُهُ الْمِنْبَرُ) .
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ اهـ وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ أَوَّلُ صَفٍّ يَلِي الْإِمَامَ قَطَعَهُ الْمِنْبَرُ أَوَّلًا (لَا مَا يَلِيه) أَيْ: لَا أَوَّلَ صَفٍّ يَلِي الْمِنْبَرَ (وَيَمْنَةُ كُلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute