صَفٍّ لِلرِّجَالِ أَفْضَلُ) مِنْ يَسْرَتِهِ، أَيْ: صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ مِنْ جِهَةِ يَمِينِ الْإِمَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِمْ جِهَةَ يَسَارِهِ، إذَا كَانُوا رِجَالًا (وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) حَيْثُ أَطْلَقُوا أَنَّ يَمِينَهُ لِلرِّجَالِ أَفْضَلُ (أَنَّ الْأَبْعَدَ عَنْ الْيَمِينِ أَفْضَلُ مِمَّنْ عَلَى الْيَسَارِ، وَلَوْ كَانَ) مَنْ عَلَى الْيَسَارِ (أَقْرَبُ) إلَى الْإِمَامِ، لِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ يَمِينَهُ لِلرِّجَالِ أَفْضَلُ.
(قَالَ) قَاضِي الْقُضَاةِ أَحْمَدُ مُحِبُّ الدِّينِ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ (فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ) أَيْ: شَرْحِهِ لِبَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ كِتَابِ الْفُرُوعِ (وَهُوَ أَقْوَى عِنْدِي انْتَهَى) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: (وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُحَافِظُ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَإِنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ) أَيْ بِسَبَبِ مَشْيِهِ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ: وَيُتَوَجَّهُ مِنْ نَصِّهِ يُسْرِعُ إلَى الْأَوَّلِ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا (لَا إنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ) .
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْمُرَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ إذَا لَمْ تَفُتْهُ الْجَمَاعَةُ مُطْلَقًا، وَإِلَّا حَافَظَ عَلَيْهَا، فَيُسْرِعُ لَهَا، وَقَالَ فِي النُّكَتِ: لَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا مَشَى إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَقَدْ يُقَالُ: يُحَافِظُ عَلَى الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ وَلِهَذَا قُلْنَا: لَا يَسْعَى إذَا أَتَى الصَّلَاةَ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَإِنْ أَدْرَكَ، أَيْ: طَمِعَ أَنْ يُدْرِكَ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى فَلَا بَأْسَ أَنْ تُسْرِعَ، مَا لَمْ تَكُنْ عَجَلَةً تُقْبَحُ قَالَ: وَقَدْ ظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعَجِّلُ لِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَكِنْ هَلْ تُقَيَّدُ الْمَسْأَلَتَانِ بِتَعَذُّرِ الْجَمَاعَةِ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ (وَكُلُّ مَا قَرُبَ مِنْ الْإِمَامِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَكَذَا أَقْرَبُ الْأَفْضَلِ) مِنْ الْإِمَامِ أَفْضَلُ لِحَدِيثِ «لَيَلِينِي مِنْكُمْ أُولُوا الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» .
(وَ) كَذَا قُرْبُ (الصَّفِّ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْإِمَامِ، وَكَذَا قُرْبُ الصُّفُوفِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ (وَالْأَفْضَلُ: تَأْخِيرُ الْمَفْضُولِ، كَالصَّبِيِّ لَا الْبَالِغِ) وَلَوْ عَبْدَهُ وَوَلَدَهُ (وَالصَّلَاةُ مَكَانَهُ) أَيْ: مَكَانَ الصَّبِيِّ لِأَنَّ.
أُبَيًّا نَحَّى قَيْسَ بْنَ عُبَادَةَ وَقَامَ مَكَانَهُ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: يَا بُنَيَّ لَا يَسُوءُك اللَّهُ فَإِنِّي لَمْ آتِكَ الَّذِي أَتَيْتُ بِجَهَالَةٍ، وَلَكِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَنَا: «كُونُوا فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِينِي» ، وَإِنِّي نَظَرْتُ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَعَرَفْتُهُمْ غَيْرَك " إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُنَحِّيهِ مِنْ مَكَانِهِ فَهُوَ رَأْيُ صَحَابِيٍّ، مَعَ أَنَّهُ فِي الصَّحَابَةِ مَعَ التَّابِعِينَ (وَخَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ: أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا عَكْسُ صُفُوفِ النِّسَاءِ) فَخَيْرُهَا آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا لِلْخَبَرِ وَالْمُرَادُ: إذَا صَلَّيْنَ مَعَ الرِّجَالِ وَإِلَّا فَكَالرِّجَالِ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَلَهُ، أَيْ: الصَّفِّ الْأَوَّلِ: ثَوَابُهُ وَثَوَابُ مَنْ وَرَائِهِ مَا اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ لِاقْتِدَائِهِمْ بِهِ.
(وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهُنَّ) أَيْ: النِّسَاءِ خَلْفَ صُفُوفِ الرِّجَالِ: لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ» (فَتُكْرَهُ صَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ يَدَيْهِ امْرَأَةٌ تُصَلِّي) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخَبَرِ (وَإِلَّا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute