للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ يَسْتُرُ آلَةَ الرَّجُلِ إنْ كَانَ هُنَاكَ امْرَأَةٌ وَآلَتُهَا إنْ كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْعَارِيَ (تَحْصِيلُ سُتْرَةٍ بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ) لِلْعَيْنِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ (أَوْ بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ) عَلَى عِوَضِ الْمِثْلِ (كَمَاءِ الْوُضُوءِ) فَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ (وَإِنْ بُذِلَتْ لَهُ سُتْرَةٌ لَزِمَهُ قَبُولُهَا عَارِيَّةً) لِأَنَّ الْمِنَّةَ لَا تَكْثُرُ فِيهَا فَأَشْبَهَ بَذْلَ الْحَبْلِ، وَالدَّلْوِ لِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ (وَلَا) يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا إنْ بُذِلَتْ لَهُ (هِبَةً) لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْمِنَّةِ.

وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهَا عَارِيَّةً (فَإِنْ عَدِمَ) السُّتْرَةَ (بِكُلِّ حَالٍ صَلَّى) وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِأَيِّ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةَ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (جَالِسًا يُومِئُ) بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (اسْتِحْبَابًا فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْجُلُوسِ وَالْإِيمَاءِ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ قَوْمًا انْكَسَرَتْ بِهِمْ مَرْكَبُهُمْ فَخَرَجُوا عُرَاةً قَالَ يُصَلُّونَ جُلُوسًا، يُومِئُونَ إيمَاءً بِرُءُوسِهِمْ.

وَلَمْ يُنْقَلْ خِلَافُهُ وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ (وَلَا يَتَرَبَّعُ، بَلْ يَنْضَامُّ) نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَالْمَيْمُونِيُّ (بِأَنْ يُقِيمَ إحْدَى فَخْذَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى) لِأَنَّهُ أَقَلُّ كَشْفًا (وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا أَوْ جَالِسًا وَرَكَعَ وَسَجَدَ بِالْأَرْضِ جَازَ) لَهُ ذَلِكَ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلِّ قَائِمًا» وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْجُلُوسُ عَلَى الْقِيَامِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ فِيهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ الْقِيَامِ فَلَوْ صَلَّى قَائِمًا لَسَقَطَ السَّتْرُ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ مَعَ أَنَّ السَّتْرَ آكَدُ مِنْ الْقِيَامِ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَسْقُطُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِحَالٍ وَالْقِيَامُ يَسْقُطُ فِي النَّافِلَةِ، وَلِأَنَّ الْقِيَامَ سَقَطَ عَنْهُمْ، لِحِفْظِ الْعَوْرَةِ، وَهِيَ فِي حَالِ السُّجُودِ أَفْحَشُ فَكَانَ سُقُوطُهُ أَوْلَى لَا يُقَالُ: السَّتْرُ كُلُّهُ لَا يَحْصُلُ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بَعْضُهُ فَلَا يَفِي ذَلِكَ بِتَرْكِ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ: الْقِيَامُ، وَالرُّكُوعُ، وَالسُّجُودُ لِأَنَّ الْعَوْرَةَ إنْ كَانَتْ الْفَرْجَانِ فَقَدْ حَصَلَ سَتْرُهُمَا وَإِلَّا حَصَلَ سَتْرُ أَغْلَظِهَا وَأَفْحَشِهَا.

وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا لَزِمَهُ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ بِالْأَرْضِ (وَلَا يُعِيدُ الْعُرْيَانُ إذَا قَدَرَ عَلَى السَّتْرِ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، سَوَاءٌ صَلَّى قَائِمًا أَوْ جَالِسًا، كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ.

وَفِي الرِّعَايَةِ: يُعِيدُ عَلَى الْأَقْيَسِ (وَإِنْ وَجَدَ) الْعَارِي (سُتْرَةً مُبَاحَةً قَرِيبَةً مِنْهُ عُرْفًا) أَيْ: فِي مَكَان يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ قَرِيبٌ (فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ سَتَرَ) مَا يَجِبُ سَتْرُهُ (وُجُوبًا، وَبَنَى) عَلَى مَا صَلَّاهُ عُرْيَانًا، كَأَهْلِ قُبَاءَ لَمَّا عَلِمُوا بِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ اسْتَدَارُوا إلَيْهَا، وَأَتَمُّوا صَلَاتَهُمْ.

(وَإِنْ كَانَتْ) السُّتْرَةُ (بَعِيدَةً) عُرْفًا بِحَيْثُ يَحْتَاجُ إلَى زَمَنٍ طَوِيلٍ، أَوْ عَمَلٍ كَثِيرٍ (سَتَرَ) الْوَاجِبَ سَتْرُهُ (وَابْتَدَأَ) أَيْ: اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا إلَّا بِمَا يُنَافِيهَا مِنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ أَوْ بِدُونِ شَرْطِهَا، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا.

(وَكَذَا لَوْ عَتَقَتْ) الْأَمَةُ وَنَحْوُهَا (فِي الصَّلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>