للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمْ أَجِدْ مَاءً فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَتَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: إنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ، وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي لَفْظٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَهُ بِالتَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد إلَى الْمِرْفَقَيْنِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَوَاهَا سَلَمَةُ، وَشَكَّ فِيهَا ذَكَرَ ذَلِكَ النَّسَائِيُّ ` فَلَا تَثْبُتُ مَعَ، الشَّكِّ مَعَ أَنَّهُ قَدْ أُنْكِرَ عَلَيْهِ، وَخَالَفَ بِهِ سَائِرَ الرُّوَاةِ الثِّقَاتِ.

(فَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الْكُوعِ لَا مِنْ فَوْقِهِ وَجَبَ مَسْحُ مَوْضِعِ الْقَطْعِ) لِبَقَاءِ بَعْضِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، كَمَا لَوْ قُطِعَتْ، مِنْ دُونِ الْكُوعِ (وَتَجِبُ التَّسْمِيَةُ) فِي تَيَمُّمٍ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ عَنْ نَجَاسَةٍ بِبَدَنٍ (كَوُضُوءٍ وَتَقَدَّمَ) فِي بَابِ الْوُضُوءِ.

(وَ) الْفَرْضُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ (تَرْتِيبٌ وَمُوَالَاةٌ فِي غَيْرِ حَدَثٍ أَكْبَرَ) يَعْنِي فِي حَدَثٍ أَصْغَرَ لِأَنَّ التَّيَمُّم مَبْنِيٌّ عَلَى الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ وَالتَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ فَرْضَانِ فِي الْوُضُوءِ، فَكَذَا فِي التَّيَمُّمِ الْقَائِمِ مَقَامَهُ، وَخَرَجَ التَّيَمُّمُ لِحَدَثٍ أَكْبَرَ وَنَجَاسَةٍ بِبَدَنٍ، فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَرْتِيبٌ وَلَا مُوَالَاةٌ (وَهِيَ) أَيْ: الْمُوَالَاةُ (هُنَا) أَيْ: فِي التَّيَمُّمِ أَنْ لَا يُؤَخَّرَ مَسْحُ عُضْوٍ عَمَّا قَبْلَهُ (زَمَنًا بِقَدْرِهَا فِي الْوُضُوءِ) أَيْ: بِحَيْثُ لَوْ قُدِّرَ مَغْسُولًا لَجَفَّ بِزَمَنٍ مُعْتَدِلٍ.

(وَيَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لِمَا تَيَمَّمَ لَهُ) كَصَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ (مِنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ، أَوْ نَجَاسَةٍ عَلَى بَدَنِهِ) لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَإِنَّمَا يُبِيحُ الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ التَّعْيِينِ تَقْوِيَةً لِضَعْفِهِ، وَصِفَةُ التَّعْيِينِ: أَنْ يَنْوِي اسْتِبَاحَةَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا مِنْ الْجَنَابَةِ إنْ كَانَ جُنُبًا، أَوْ مِنْ الْحَدَثِ إنْ كَانَ مُحْدِثًا، أَوْ مِنْهُمَا إنْ كَانَ جُنُبًا مُحْدِثًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

(وَإِنْ كَانَ) التَّيَمُّمُ (عَنْ جُرْحٍ فِي عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ نَوَى التَّيَمُّمَ عَنْ غُسْلِ ذَلِكَ الْعُضْوِ) الْجَرِيحِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ ضَرَرًا، وَإِنْ كَانَ الْجَرِيحُ جُنُبًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ قَدَّمَ التَّيَمُّمَ عَلَى الْغُسْلِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ التَّيَمُّمُ لِعَدَمِ مَا يَكْفِيهِ لِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ أَوَّلًا كَمَا تَقَدَّمَ.

(فَإِنْ نَوَى جَمِيعهَا) أَيْ: نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاة مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ، وَالنَّجَاسَةُ بِبَدَنِهِ (صَحَّ) تَيَمُّمُهُ (وَأَجْزَاهُ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ فَيَكُونُ مَنْوِيًّا (وَإِنْ نَوَى أَحَدَهَا) أَيْ: الْمَذْكُورَاتِ (لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْآخَرِ) أَيْ: عَنْ الَّذِي لَمْ يَنْوِهِ لِحَدِيثِ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .

(فَلَوْ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ) وَنَحْوِهَا (دُونَ الْحَدَثِ) الْأَصْغَرِ (أُبِيحَ لَهُ مَا يُبَاحُ لِلْمُحْدِثِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>