إذَا نَهَضَ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَمْ يَسْكُتْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلِفَوَاتِ مَحَلِّهِ (وَ) إلَّا فِي (الِاسْتِعَاذَةِ، إنْ كَانَ اسْتَعَاذَ فِي الْأُولَى) لِظَاهِرِ خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ، فَاكْتَفَى بِالِاسْتِعَاذَةِ فِي أَوَّلِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَعَاذَ فِي الْأُولَى (اسْتَعَاذَ) فِي الثَّانِيَةِ (سَوَاءٌ كَانَ تَرْكُهُ لَهَا) أَيْ: لِلِاسْتِعَاذَةِ (فِي الْأُولَى عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨] (ثُمَّ يَجْلِسُ) لِلتَّشَهُّدِ إجْمَاعًا (مُفْتَرِشًا) كَجُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَنَصَبَ الْأُخْرَى، وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: (جَاعِلًا يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ) الْيُمْنَى عَلَى الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى عَلَى الْيُسْرَى، لِأَنَّهُ أَشْهَرُ فِي الْأَخْبَارِ، وَلَا يَلْقُمُهُمَا رُكْبَتَيْهِ.
وَفِي الْكَافِي، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ: التَّخْيِيرُ (بَاسِطًا أَصَابِعَ يُسْرَاهُ مَضْمُومَةً) عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى، لَا يَخْرُجُ بِهَا عَنْهَا بَلْ يَجْعَلُ أَطْرَافَ أَصَابِعَهُ مُسَامِتَةً لِرُكْبَتِهِ.
وَفِي التَّلْخِيصِ: قَرِيبًا مِنْ الرُّكْبَةِ (مُسْتَقْبِلًا بِهَا الْقِبْلَةَ، قَابِضًا مِنْ يُمْنَاهُ الْخِنْصَرُ وَالْبِنْصِرُ، مُحَلِّقًا إبْهَامَهُ مَعَ وُسْطَاهُ) لِمَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ مِرْفَقَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ عَقَدَ مِنْ أَصَابِعِهِ الْخِنْصَرَ وَاَلَّتِي تَلِيهَا وَحَلَّقَ حَلْقَةً بِإِصْبَعِهِ الْوُسْطَى عَلَى الْإِبْهَامِ، وَرَفَعَ السَّبَّابَةَ يُشِيرُ بِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَرَفَعَ أُصْبُعَهُ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ، فَدَعَا بِهَا، وَيَدُهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ بَاسِطًا عَلَيْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (ثُمَّ يَتَشَهَّدُ) لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا (سِرًّا، نَدْبًا) لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ «مِنْ السُّنَّةِ إخْفَاءُ التَّشَهُّدِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(كَتَسْبِيحِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَقَوْلِ: رَبِّ اغْفِرْ لِي) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَيَنْدُبُ الْإِسْرَارُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ الدَّاعِي لِلْجَهْرِ بِهِ، (وَيُشِيرُ بِسَبَّابَتِهَا) أَيْ: سَبَّابَةِ الْيُمْنَى، لِفِعْلِهِ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُمِّيَتْ سَبَّابَةً: لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُشِيرُونَ بِهَا عِنْد السَّبِّ وَ (لَا) يُشِيرُ (بِغَيْرِهَا) أَيْ: غَيْرِ سَبَّابَةِ الْيُمْنَى (وَلَوْ عُدِمَتْ) سَبَّابَةُ الْيُمْنَى، قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لِأَنَّ عِلَّتَهُ التَّنْبِيهُ عَلَى التَّوْحِيدِ (فِي تَشَهُّدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَيُشِيرُ (مِرَارًا، كُلَّ مُرَّةٍ عِنْد ذِكْرِ لَفْظِ اللَّهِ، تَنْبِيهًا عَلَى التَّوْحِيدِ وَلَا يُحَرِّكُهَا) لِفِعْلِهِ.
قَالَ فِي الْغُنْيَةِ: وَيُدِيمُ نَظَرَهُ إلَيْهَا، لِخَبَرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ (وَ) يُشِيرُ أَيْضًا بِسَبَّابَةِ الْيُمْنَى (عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute