الْوَلِيُّ وَالْبَيِّنَةُ ضَمِنَهُ الْوَلِيُّ وَحْدَهُ (لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ) وَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: عَمَدْنَا قَتْلَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَخْطَأْنَا؛ يُرِيد كُلُّ قَائِلٍ نَفْسَهُ دُونَ الْبَعْضِ الْآخَرِ، قَالَهُ ابْنُ قُنْدُسٍ فِي حَاشِيَةِ الْفُرُوعِ، أَوْ قَالَ وَاحِدٌ: عَمَدْتُ قَتْلَهُ وَقَالَ الْآخَرُ: أَخْطَأْتُ، فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَمْ يَتَمَحَّضْ مُوجِبًا (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُتَعَمِّدِ (حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، (وَعَلَى الْمُخْطِئِ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ الْمُخَفَّفَةِ وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: تَعَمَّدْتُ وَأَخْطَأَ شَرِيكِي، أَوْ قَالَ وَاحِدُ: عَمَدْنَا جَمِيعًا، وَقَالَ الْآخَرُ: عَمَدْتُ وَأَخْطَأَ صَاحِبِي، أَوْ قَالَ وَاحِدٌ: عَمَدْتُ وَلَا أَدْرِي مَا فَعَلَ صَاحِبِي، فَعَلَيْهِمَا الْقَوَدُ) لِاعْتِرَافِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقَتْلِ عُدْوَانًا (وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ: عَمَدْنَا) حَالَ كَوْنِهِ مُخْبِرًا عَنْهُ وَعَمَّنْ مَعَهُ وَقَالَ الْآخَرُ: أَخْطَأْنَا، (مُخْبِرًا عَنْهُ وَعَمَّنْ مَعَهُ لَزِمَ الْمُقِرَّ بِالْعَمْدِ الْقَوَدُ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ.
(وَ) لَزِمَ (الْآخَرَ نِصْفُ الدِّيَةِ مُخَفَّفَةً إذَا كَانَا اثْنَيْنِ) فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: عَمَدْنَا وَقَالَ آخَرُ: أَخْطَأْنَا، فَلَا قَوَدَ وَعَلَى مَنْ قَالَ عَمَدْنَا حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ، وَالْآخَرِ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ الْمُخَفَّفَةِ وَلَوْ قَالَ: عَمَدْنَا الْإِشْهَادَ دُونَ الْقَتْلِ، فَالدِّيَةُ (وَإِنْ قَالَا: أَخْطَأْنَا، فَعَلَيْهِمَا الدِّيَةُ مُخَفَّفَةً) .
(وَلَوْ حَفَرَ فِي بَيْتِهِ بِئْرًا وَسَتَرَهُ لِيَقَعَ فِيهِ أَحَدٌ فَوَقَعَ) فِيهَا أَحَدٌ (فَمَاتَ فَإِنْ كَانَ) الْوَاقِعُ (دَخَلَ بِإِذْنِهِ قُتِلَ بِهِ) لِتَسَبُّبِهِ فِي قَتْلِهِ (إلَّا إنْ دَخَلَ بِلَا إذْنِهِ أَوْ كَانَتْ مَكْشُوفَةً بِحَيْثُ يَرَاهَا الدَّاخِلُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ) أَيْ الْقَتْلَ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ، وَيَأْتِي بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا فِي الدِّيَاتِ.
(وَلَوْ جَعَلَ فِي حَلْقِ زَيْدٍ خُرَاطَةً) أَيْ حَبْلًا وَنَحْوَهُ (وَشَدَّهَا فِي شَيْءٍ عَالٍ وَتَرَكَ تَحْتَهُ حَجَرًا فَأَزَالَهُ آخَرُ عَمْدًا فَمَاتَ قُتِلَ مُزِيلُهُ دُونَ رَابِطِهِ) كَالْحَافِرِ مَعَ الدَّافِعِ (وَإِنْ جَهِلَ) الْمُزِيلُ (الْخُرَاطَةَ فَلَا قَوَدَ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْقَتْلَ (وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي مَالِهِ الدِّيَةُ) جَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَمْدًا أَوْجَبَ الْقَوَدَ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ.
(وَلَوْ شَدَّ عَلَى ظَهْرِهِ قِرْبَةً مَنْفُوخَةً وَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ فَجَاءَ آخَرُ وَخَرَقَ الْقِرْبَةَ فَخَرَجَ الْهَوَاءُ فَغَرَقَ فَالْقَاتِلُ هُوَ الثَّانِي) ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَالْأَوَّلُ مُتَسَبِّبٍ (وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَنَّ الدَّالَّ) عَلَى الْمَقْتُولِ لِيُقْتَلَ ظُلْمًا (يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَ) وَعَلِمَ الْحَالَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ إذَا تَعَذَّرَ تَضْمِينُ الْمُبَاشِرِ وَإِلَّا فَهُوَ الْأَصْلُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الدَّالُّ (فَ) عَلَيْهِ (الدِّيَةُ وَ) اخْتَارَ الشَّيْخُ أَيْضًا (أَنَّ الْآمِرَ) بِالْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ (لَا يَرِثُ) مِنْ الْمَقْتُولِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ لَهُ تَسَبُّبًا فِي الْقَتْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute