يَقْتُلَهُ بِمِثْلِ مَا قَتَلَ بِهِ فَيُعِينُهُ إنْ شَاءَ كَمَا أَعَانَ هُوَ الْمَقْتُولَ، وَأَمَّا قَتْلُهُ قِصَاصًا بِالسَّيْفِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمَاثِلٍ لِلْجِنَايَةِ، قَالَ: وَسَأَلْتُ شَيْخَنَا عَنْ الْقَتْلِ بِالْحَالِ هَلْ يُوجِبُ الْقِصَاصَ؟ فَقَالَ: لِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْتُلَهُ بِالْحَالِ كَمَا قَتَلَ بِهِ.
وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْمَشْهَدِ الثَّانِي مِنْ الْمَشَاهِدِ بَيْنَ الْعَائِنِ وَالسَّاحِرِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَالْعَيْنُ نَظَرٌ بِاسْتِحْسَانٍ مَشُوبٌ بِحَسَدٍ مِنْ خَبِيثِ الطَّبْعِ يَحْصُلُ لِلْمَنْظُورِ مِنْهُ ضَرَرٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ مِنْ سُمٍّ يَصِلُ مِنْ عَيْنِ الْعَائِنِ فِي الْهَوَاءِ إلَى بَدَنِ الْمَعْيُونُ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَائِضَ تَضَعَ يَدَهَا فِي إنَاءِ اللَّبَنِ يَفْسُدُ، وَلَوْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ طُهْرِهَا لَمْ يَفْسُدْ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ يَنْظُرُ فِي عَيْنِ الْأَرْمَدِ فَيَرْمَدُ، وَيَتَثَاءَبُ وَاحِدٌ بِحَضْرَتِهِ فَيَتَثَاءَبُ، قَالَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ.
الْقِسْمُ (التَّاسِعُ أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ عَلَى شَخْصٍ بِقَتْلِ عَمْدٍ أَوْ رِدَّةٍ حَيْثُ امْتَنَعَتْ التَّوْبَةُ أَوْ) يَشْهَدَ (أَرْبَعَةٌ فَأَكْثَرُ بِزِنَا مُحْصَنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ الْقَتْلَ فَقُتِلَ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا وَاعْتَرَفُوا بِتَعَمُّدِ الْقَتْلِ فَعَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ) لِمَا رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ " أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عَلِيٍّ أَنَّهُ سَرَقَ فَقَطَعَهُ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا؛ فَقَالَ عَلِيٌّ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكُمَا عَمَدْتُمَا لَقَطَعْتُ أَيْدِيَكُمَا " وَلِأَنَّهُمَا تَوَصَّلَا إلَى قَتْلِهِ بِسَبَبٍ يَقْتُلُ غَالِبًا أَشْبَهَ بِهِ الْمُكْرَهَ، وَقَوْلُهُ: " حَيْثُ امْتَنَعَتْ التَّوْبَةُ " بِأَنْ شَهِدَا أَنَّهُ سَبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا تُقْبَلُ فِيهِ التَّوْبَةُ؛ إذْ يُمْكِنُهُ دَفْعُهُمَا بِالتَّوْبَةِ.
(وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ إذَا حَكَمَ عَلَى شَخْصٍ بِالْقَتْلِ عَالِمًا بِذَلِكَ) أَيْ بِكَذِبِ الْبَيِّنَةِ (مُتَعَمِّدًا فَقَتَلَ وَاعْتَرَفَ) الْحَاكِمُ بِذَلِكَ (فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشُّهُودِ، فَكَانَ الْحَاصِلُ بِسَبَبِهِ عَمْدًا كَالْقَتْلِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ الشَّاهِدَيْنِ (وَلَوْ أَنَّ الْوَلِيَّ الَّذِي بَاشَرَ قَتْلَهُ أَقَرَّ بِعِلْمِهِ بِكَذِبِ الشُّهُودِ وَتَعَمَّدَ قَتْلَهُ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَحْدَهُ) لِأَنَّهُ بَاشَرَ الْقَتْلَ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ (فَإِنْ أَقَرَّ الشَّاهِدَانِ وَالْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ جَمِيعًا بِذَلِكَ) أَيْ بِالْكَذِبِ وَالتَّعَمُّدِ بِقَتْلِهِ (فَعَلَى الْوَلِيِّ الْمُبَاشِرِ) لِلْقَتْلِ (الْقِصَاصُ وَحْدَهُ أَيْضًا) لِأَنَّهُ بَاشَرَ الْقَتْلَ عَمْدًا عُدْوَانًا قَالَ فِي الشَّرْحِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَى غَيْرِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَسَبِّبُونَ، وَالْمُبَاشَرَةُ يَبْطُلُ حُكْمُهَا كَالدَّافِعِ مَعَ الْحَافِرِ.
(وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ لَمْ يُبَاشِرْ) الْقَتْلَ (وَإِنَّمَا بَاشَرَ وَكِيلُهُ؛ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ عَالِمًا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَحْدَهُ) لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَكِيلُ عَالِمًا (فَعَلَى الْوَلِيِّ) الْقِصَاصُ كَمَا لَوْ بَاشَرَ (فَيَخْتَصُّ مُبَاشِرٌ عَالِمٌ بِالْقَوَدِ ثُمَّ وَلِيٌّ) عَالِمٌ (ثُمَّ بَيِّنَةٌ وَحَاكِمٌ وَمَتَى لَزِمَتْ الدِّيَةُ الْحَاكِمَ وَالْبَيِّنَةَ فَهِيَ بَيْنَهُمْ سَوَاءٌ عَلَى الْحَاكِمِ مِثْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مُتَسَبِّبُونَ، وَلَوْ رَجَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute