للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِشَاةٍ مَسْمُومَةً فَأَكَلَ مِنْهَا النَّبِيُّ وَبَشِيرُ بْنُ الْعَلَاءِ فَلَمَّا مَاتَ بَشِيرٌ أَرْسَلَ إلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِقَتْلِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَإِنْ عَلِمَ آكِلُهُ) أَيْ السُّمِّ (بِهِ وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ فَلَا ضَمَانَ) كَمَا لَوْ قَدَّمَ إلَيْهِ سِكِّينًا فَقَتَلَ بِهَا نَفْسَهُ (وَإِنْ كَانَ) الْآكِلُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ بِأَنْ كَانَ صَغِيرًا (أَوْ مَجْنُونًا ضَمِنَهُ) وَاضِعُ السُّمِّ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَا عِبْرَةَ بِفِعْلِهِمَا (وَإِنْ خَلَطَهُ) أَيْ السُّمَّ (بِطَعَامِ نَفْسِهِ فَأَكَلَهُ إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ وَإِنَّمَا هُوَ قَتَلَ نَفْسَهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ حَفَرَ فِي دَارِهِ بِئْرًا لِيَقَعَ فِيهَا اللِّصُّ إذَا دَخَلَ يَسْرِقُ مِنْهَا، وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْأَكْلِ.

(فَإِنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ بِالسُّمِّ عَدَمَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَاتِلٌ لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ السُّمَّ يَقْتُلُ غَالِبًا (كَمَا لَوْ جَرَحَهُ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ يَمُوتْ، وَإِنْ كَانَ) مَا سَقَاهُ لَهُ (سُمًّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا) فَقَتَلَهُ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) لِأَنَّهُ قَصَدَ الْجِنَايَةَ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِنْ اُخْتُلِفَ) فِي السُّمِّ الْمَسْقِيِّ لَهُ (هَلْ يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ لَا، وَثَمَّ بَيِّنَةٌ) لِأَحَدِهِمَا (عُمِلَ بِهَا) إذَا كَانَتْ مِنْ ذَوِي الْخِبْرَةِ بِهِ (وَإِنْ قَالَتْ) الْبَيِّنَةُ إنَّ ذَلِكَ السُّمَّ (يَقْتُلُ النِّضْوَ الضَّعِيفَ دُونَ الْقَوِيِّ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ عُمِلَ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّاقِي) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ.

الْقِسْمُ (الثَّامِنُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِسِحْرٍ يَقْتُلُ غَالِبًا هُوَ عَمْدٌ) إذَا كَانَ السَّاحِرُ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهُ بِمُحَدِّدِ (وَإِنْ قَالَ) السَّاحِرُ (لَا أَعْلَمُهُ قَاتِلًا، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ (فَهُوَ) أَيْ السِّحْرُ (كَسُمٍّ حُكْمًا) أَيْ فِي حُكْمِهِ السَّابِقِ (وَإِذَا وَجَبَ قَتْلُهُ) أَيْ السَّاحِرِ (بِالسِّحْرِ وَقُتِلَ) بِهِ (كَانَ قَتْلُهُ بِهِ حَدًّا) قَالَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ وَصَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَمُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ فِي الْحُدُودِ أَنَّهُ يُقْتَلُ قِصَاصًا لِتَقْدِيمِ حَقِّ الْآدَمِيِّ (وَتَجِبُ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فِي تَرِكَتِهِ) أَيْ السَّاحِرِ كَمَا لَوْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ بِغَيْرِ الْمَسْحُورِ (وَالْمِعْيَانُ الَّذِي يَقْتُلُ بِعَيْنِهِ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالسَّاحِرِ الَّذِي يَقْتُلُ بِسِحْرِهِ غَالِبًا فَإِذَا كَانَتْ عَيْنُهُ يَسْتَطِيعُ الْقَتْلَ بِهَا وَيَفْعَلُهُ بِاخْتِيَارِهِ وَجَبَ بِهِ الْقِصَاصُ) لِأَنَّهُ فَعَلَ بِهِ مَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ قَصْدِ الْجِنَايَةِ فَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ خَطَأٌ يَجِبُ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي الْقَتْلِ الْخَطَإِ، وَكَذَا مَا أَتْلَفَهُ بِعَيْنِهِ يَتَوَجَّهُ فِيهِ الْقَوْلُ بِضَمَانِهِ إلَّا أَنْ يَقَعَ بِغَيْرِ قَصْدٍ فَيَتَوَجَّهُ عَدَمُ الضَّمَانِ انْتَهَى وَيَأْتِي فِي التَّعْزِيرِ) وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي شَرْحِ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بَلْ غَلَبَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ عَمَدَ ذَلِكَ وَقَدَرَ عَلَى رَدِّهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَقْتُلُ بِهِ سَاغَ لِلْوَالِي أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>