أَشْبَهَ مَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ (وَيَضْمَنُهُ بِالدِّيَةِ) لِأَنَّهُ جَانٍ بِالْإِلْقَاءِ الْمُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ انْتَهَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى (وَإِنَّمَا تُعْلَمُ قُدْرَتُهُ) أَيْ الْمُلْقَى فِي الْمَاءِ أَوْ النَّارِ عَلَى التَّخَلُّصِ بِقَوْلِهِ: أَنَا قَادِرٌ (عَلَى التَّخَلُّصِ أَوْ نَحْوِ هَذَا) .
الْقِسْمُ (الْخَامِسُ خَنَقَهُ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ) وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَخْنُقَهُ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ يُعَلِّقَهُ فِي نَحْوِ خَشَبَةٍ فَيَمُوتَ فَهُوَ عَمْدٌ؛ سَوَاءٌ مَاتَ فِي الْحَالِ أَوْ بَقِيَ زَمَنًا؛ لِأَنَّ هَذَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ اللُّصُوصِ وَالْمُفْسِدِينَ، الثَّانِي: أَنْ يَخْنُقَهُ وَهُوَ عَلَى الْأَرْضِ (أَوْ سَدَّ فَمَهُ وَأَنْفَهُ أَوْ عَصَرَ خُصْيَتَيْهِ حَتَّى مَاتَ) أَيْ عَصَرَهُمَا عَصْرًا يَقْتُلُهُ غَالِبًا فَمَاتَ (فِي مُدَّةٍ يَمُوتُ فِي مِثْلِهَا غَالِبًا فَعَمْدٌ) لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ سَدُّ الْفَمِ وَالْأَنْفِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ فِي الْغَالِبِ لَا تَفُوتُ إلَّا بِسَدِّهِمَا (وَإِنْ كَانَ) سَدُّ الْفَمِ أَوْ الْأَنْفِ أَوْ عَصْرُ الْخُصْيَتَيْنِ (فِي مُدَّةٍ لَا يَمُوتُ) مِثْلُهُ (فِيهَا غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا إلَى الْغَايَةِ بِحَيْثُ لَا يُتَوَهَّمُ الْمَوْتُ فِيهِ فَمَاتَ فَهَدَرٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ (وَمَتَى خَنَقَهُ وَتَرَكَهُ سَالِمًا حَتَّى مَاتَ فَفِيهِ الْقَوَدُ) لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِنْ تَنَفَّسَ) الْمَخْنُوقُ (وَصَحَّ) بَعْد الْخَنْقِ (ثُمَّ مَاتَ فَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْخَانِقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ بَرِئَ الْجُرْحُ ثُمَّ مَاتَ.
الْقِسْمُ (السَّادِسُ حَبَسَهُ وَمَعَهُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ أَوْ أَحَدُهُمَا) أَيْ الطَّعَامُ وَحْدَهُ أَوْ الشَّرَابُ (أَوْ) مَنَعَهُ (الدِّفَاءَ فِي الشِّتَاءِ وَلَيَالِيهِ الْبَارِدَةِ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ حَتَّى مَاتَ جُوعًا أَوْ عَطَشًا أَوْ بَرْدًا فِي مُدَّةٍ يَمُوتُ فِي مِثْلِهَا غَالِبًا بِشَرْطِ أَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الطَّلَبُ فَعَمْدٌ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى الْعَادَةَ بِالْمَوْتِ عِنْدَ ذَلِكَ فَإِذَا تَعَمَّدَهُ الْإِنْسَانُ فَقَدْ تَعَمَّدَ الْقَتْلَ (فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ) عَلَيْهِ الطَّلَبُ وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ (فَهَدَرٌ) لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ لِنَفْسِهِ (كَتَرْكِهِ شَدَّ مَوْضِعِ فِصَادِهِ، وَالْمُدَّةُ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا غَالِبًا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالزَّمَانِ وَالْأَحْوَالِ؛ فَإِذَا عَطِشَ فِي الْحَرِّ مَاتَ فِي الزَّمَانِ الْقَلِيلِ وَعَكْسُهُ فِي الْبَرْدِ وَإِنْ كَانَ) حَبَسَهُ مَعَ مَنْعِهِ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ (فِي مُدَّةٍ لَا يَمُوتُ فِيهَا غَالِبًا فَ) هُوَ (عَمْدٌ لَا خَطَأٌ وَإِنْ شَكَكْنَا فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ هَلْ يَمُوتُ فِيهَا غَالِبًا أَوْ لَا؟ (لَمْ يَجِبْ الْقَوَدُ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مُوجِبِهِ.
الْقِسْمُ (السَّابِعُ سَقَاهُ سُمًّا لَا يَعْلَمُ) الْمَقْتُولُ (بِهِ، أَوْ خَلَطَهُ بِطَعَامٍ ثُمَّ أَطْعَمَهُ إيَّاهُ، أَوْ خَلَطَهُ بِطَعَامٍ آكَلَهُ فَأَكَلَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ) بِهِ (فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ إنْ كَانَ) ذَلِكَ السُّمُّ (مِثْلُهُ يَقْتُلُ غَالِبًا) لِمَا رُوِيَ أَنَّ يَهُودِيَّةً «أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute