(وَلَوْ فَوَّضَتْ الْمَرْأَةُ) بُضْعَ (نَفْسَهَا) بِأَنْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِلَا مَهْرٍ (ثُمَّ طَالَبَتْ بِفَرْضِ مَهْرِهَا بَعْدَ تَغْيِيرِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ) بَعْدَ (دُخُولِهِ بِهَا لَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ حَالَةَ الْعَقْدِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ.
(وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِفَرْضِهِ هُنَا وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ فَسَدَتْ فِيهِ التَّسْمِيَةُ) قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَخْلُو مِنْ الْمَهْرِ، فَكَانَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِبَيَانِ قَدْرِهِ (فَإِنْ تَرَاضَيَا) أَيْ الزَّوْجَانِ الْمُكَلَّفَانِ الرَّشِيدَانِ (عَلَى فَرْضِهِ) أَيْ الْمَهْرِ (جَازَ) مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ (وَصَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُسَمَّى) فِي الْعَقْدِ (قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا سَوَاءٌ كَانَا عَالِمَيْنِ مَهْرَ الْمِثْلِ، أَوْ لَا) أَيْ أَوْ جَاهِلِينَ بِهِ الْمِثْلَ لِأَنَّهُ إنْ فَرَضَ لَهَا كَثِيرًا بَذَلَ لَهَا مِنْ مَالِهِ فَوْقَ مَا يَلْزَمُهُ.
وَإِنْ فَرَضَ لَهَا يَسِيرًا فَقَدْ رَضِيَتْ بِدُونِ مَا يَجِبُ لَهَا.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ (فَرَضَهُ) أَيْ مَهْرَ الْمِثْلِ (حَاكِمٌ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ مَيْلٌ عَلَى الزَّوْجِ وَالنَّقْصَ عَنْهُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَا يَحِلُّ الْمَيْلُ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُفْرَضُ بَدَلَ الْبُضْعِ فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِهِ كَسِلْعَةٍ أُتْلِفَتْ يُقَوِّمُهَا بِمَا يَقُولُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ (وَصَارَ) مَا قَدَّرَهُ الْحَاكِمُ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ (كَالْمُسَمَّى) فِي الْعَقْدِ (يَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا تَجِبُ الْمُتْعَةُ مَعَهُ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] (فَإِذَا فَرَضَهُ) الْحَاكِمُ (لَزِمَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (فَرْضُهُ كَحُكْمِهِ) أَيْ كَمَا قَالَ حَكَمْتُ بِهِ سَوَاءٌ رَضِيَا بِفَرْضِهِ أَوْ لَا إذْ فَرْضُهُ لَهُ حُكِمَ بِهِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
(فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ سَبَبِ الْمُطَالَبَةِ) وَهُوَ هُنَا فَرْضُ الْحَاكِمِ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ فَرْضِهِ سَبَبٌ لِمُطَالَبَتِهَا قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ (كَتَقْدِيرِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ (أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَالنَّفَقَةَ وَنَحْوَهُ) أَيْ نَحْوَ تَقْرِيرِ مَا ذُكِرَ كَتَقْدِيرِ كِسْوَةٍ أَوْ مَسْكَنِ مِثْلٍ أَوْ جُعْلٍ (حُكْمٌ) قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: أَيْ مُتَضَمِّنٌ لِلْحُكْمِ وَلَيْسَ بِحُكْمٍ صَرِيحٍ (فَلَا يُغَيِّرُهُ حَاكِمٌ آخَرُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ السَّبَبُ) كَيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ، فَإِنَّ الْحَاكِم يُغَيِّرُهُ وَيَفْرِضُهُ ثَانِيًا بِاعْتِبَارِ الْحَالِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْحُكْمِ السَّابِقِ.
(وَإِنْ فَرَضَ لَهَا) أَيْ لِلْمُفَوِّضَةِ وَنَحْوِهَا (غَيْرُ الزَّوْجِ وَالْحَاكِمِ مَهْرَ مِثْلِهَا فَرَضِيَتْهُ لَمْ يَصِحَّ فَرْضُهُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَوْجٍ وَلَا حَاكِمٍ (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (قَبْلَ الْإِصَابَةِ وَقَبْلَ الْفَرْضِ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ الْحَاكِمِ (وَرِثَهُ صَاحِبُهُ) لِأَنَّ تَرْكَ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ لَمْ يَقْدَحْ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ (وَكَانَ لَهَا) أَيْ الْمُفَوِّضَةِ (مَهْرُ نِسَائِهَا) أَيْ مِثْلُ مَهْرِ مَنْ تُسَاوِيهَا مِنْهُنَّ، لِحَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ السَّابِقِ.
(فَإِنْ فَارَقَهَا) أَيْ فَارَقَ الْمُفَوِّضَةَ زَوْجُهَا (قَبْلَ الدُّخُولِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِمَّا يُنَصِّفُ الصَّدَاقَ (لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا الْمُتْعَةُ) لِعُمُومِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute