فَوَجَبَ الْإِشْهَادُ لِئَلَّا يَضِيعَ حَقُّهُ مِنْ ذَلِكَ.
(وَإِنْ سَأَلَ مَعَ الْإِشْهَادِ كِتَابَةً وَأَتَاهُ بِكَاغَدَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَرُبَّمَا قِيلَ بِالْمُعْجَمَةِ وَهُوَ مُعَرَّبٌ قَالَهُ فِي حَاشِيَتِهِ (أَوْ كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَاغَدُ) مَعَهُ (لِذَلِكَ لَزِمَهُ) أَيْ الْحَاكِمَ إجَابَتُهُ لِذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ وَثِيقَةٌ لِلْخَصْمِ فَلَزِمَهُ كِتَابَتُهَا (كَسَاعٍ) أَيْ عَامِلٍ عَلَى الزَّكَاةِ إذَا طَلَبَ الْمُزَكِّي مِنْهُ الْكِتَابَةَ (بِأَخْذِ زَكَاةٍ) .
وَكَذَا مُعَشِّرٌ يَأْخُذُ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَهُ مِنْ تُجَّارِ حَرْبٍ أَوْ ذِمَّةٍ لِتَكُونَ بَرَاءَةً لَهُ إذَا مَرَّ بِهِ آخَرُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَنْ لَهُ حَقٌّ بِوَثِيقَةٍ إذَا اسْتَوْفَاهُ الْإِشْهَادُ بِهِ لَا دَفْعُ الْوَثِيقَةِ، وَكَذَا بَائِعُ عَقَارٍ وَثِيقَة يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ لَا دَفْعُ الْوَثِيقَةِ (وَمَا تَضَمَّنَ الْحُكْمَ بِبَيِّنَةٍ يُسَمَّى سِجِلًّا وَغَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَا تَضَمَّنَ الْحُكْمَ بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ مَا تَضَمَّنَ الْحُكْمَ بِإِقْرَارٍ أَوْ نُكُولٍ يُسَمَّى (مَحْضَرًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالضَّادِ وَهُوَ الصَّكُّ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ حُضُورِ الْخَصْمَيْنِ وَالشُّهُودِ (وَالْمَحْضَرُ شَرَحَ ثُبُوتَ الْحَقِّ عِنْدَهُ) لَا الْحُكْمَ بِثُبُوتِهِ وَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ اصْطِلَاحِيَّةٌ.
وَأَمَّا السِّجِلُّ وَأَصْلُهُ الصَّحِيفَةُ الْمَكْتُوبَةُ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: السِّجِلُّ الْكِتَابُ إلَّا أَنَّهُ خُصَّ بِمَا تَضَمَّنَ الْحُكْمَ اصْطِلَاحًا، (وَالْأَوْلَى جَعْلُ السِّجِلِّ نُسْخَتَيْنِ؛ نُسْخَةٌ يَدْفَعُهَا) الْحَاكِمُ (إلَيْهِ) أَيْ الطَّالِبِ لَهَا لِتَكُونَ وَثِيقَةً بِحَقِّهِ (وَ) النُّسْخَةُ (الْأُخْرَى عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيَرْجِعَ إلَى النُّسْخَةِ الَّتِي عِنْدَهُ عِنْدَ ضَيَاعِ مَا بِيَدِ الْخَصْمِ أَوْ الِاخْتِلَافِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَحْوَطُ وَفِي زَمَنِنَا تُتْرَكُ الْوَثَائِقُ بِكِتَابٍ مُجَمِّعُهَا مُدَّةً ثُمَّ مُدَّةً بِحَسَبِ مَا يَسَعُ لَهَا وَفِيهِ مِنْ الْحِفْظِ مَا لَا يُخْفِي وَهُوَ أَحْوَطُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَيْضًا (وَالْكَاغَدُ) لِذَلِكَ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) يُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (فَمِنْ مَالِ الْمَكْتُوبِ) لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ.
(وَصِفَةُ الْمَحْضَرِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَيَنْبَغِي كِتَابَتُهَا سَطْرًا وَحْدَهَا إلَى مَا يُحَاذِي عَلَامَةَ الْقَاضِي حَتَّى لَا تَعْلُوَ اسْمَ اللَّهِ (حَضَرَ الْقَاضِيَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَاضِيَ عَبْدِ اللَّهِ الْإِمَامِ عَلَى كَذَا) أَيْ مِصْرٍ مَثَلًا (وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي نَائِبًا كَتَبَ خَلِيفَةَ الْقَاضِي فُلَانٍ قَاضِيَ الْإِمَامِ) وَقُدِّمَ الْمَفْعُولُ هُنَا اهْتِمَامًا وَتَعْظِيمًا لَهُ (فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ بِمَوْضِعِ كَذَا مُدَّعٍ) وَهُوَ فَاعِلُ حَضَرَ.
(ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ) وَيَذْكُرُ مَا يُمَيِّزُهُ (وَأُحْضِرَ مَعَهُ مُدَّعَى عَلَيْهِ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ) وَيَذْكُرُ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ (وَلَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْجَدِّ بِلَا حَاجَةٍ) إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ (وَالْأَوْلَى ذِكْرُ حِلْيَتِهِمَا إنْ جَهِلَهُمَا) فَيَكْتُبُ: أَسْوَدُ أَوْ أَبْيَضُ أَوْ أَنْزَعُ أَوْ أَغَمُّ أَوْ أَشْهَلُ أَوْ أَكْحَلُ أَقْنَى الْأَنْفِ أَوْ أَفْطَسُ دَقِيقُ الشَّفَتَيْنِ أَوْ غَلِيظُهُمَا طَوِيلٌ أَوْ قَصِيرٌ أَوْ رِبْعَةٌ وَنَحْوُ هَذَا لِيَتَمَيَّزَ وَلَا يَقَعَ اسْمٌ عَلَى اسْمٍ احْتِيَاطًا خُصُوصًا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute