لَمْ يَزُلْ ضَرَرُهُ دُونَ مَشَقَّةٍ غَالِبَةٍ إلَّا بِالنَّارِ وَقَالَ أَنَّهُ سَأَلَ عَمَّا تَرَجَّحَ عِنْدَ الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ صَاحِبِ الشَّرْحِ؟ فَقَالَ: مَا هُوَ بِبَعِيدٍ.
(وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقْرِدَ بَعِيرَهُ وَهُوَ نَزْعُ الْقُرَادِ عَنْهُ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ كَسَائِرِ الْمُؤْذِي.
(وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ لَا عَلَى الْحَلَالِ وَلَوْ فِي الْحَرَمِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حُرِّمَ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ لِمَا فِيهِ مِنْ الرَّفَاهِيَةِ فَأُبِيحَ فِي الْحَرَمِ كَغَيْرِهِ (قَتْلُ قَمْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُتْرِفُهُ بِإِزَالَتِهِ كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ.
(وَ) قَتْلُ (صِئْبَانهِ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْضُهُ (مِنْ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ) وَبَاطِنِ ثَوْبِهِ وَيَجُوزُ مِنْ ظَاهِرِهِ قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَفَّقِ وَصَاحِبِ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا لِلْعُمُومِ.
(وَلَوْ) كَانَ قَتْلُهُ لِلْقَمْلِ وَصِئْبَانِهِ (بِزِئْبَقٍ وَنَحْوِهِ) فَيَحْرُمُ فِي الْإِحْرَامِ فَقَطْ (وَكَذَا رَمْيُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّرَفُّهِ (وَلَا جَزَاءَ فِيهِ) أَيْ: الْقَمْلِ وَصِئْبَانِهِ إذَا قَتَلَهُ أَوْ رَمَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَيْدٍ وَلَا قِيمَةَ لَهُ: أَشْبَهَ الْبَعُوضَ وَالْبَرَاغِيثَ.
(وَلَا يَحْرُمُ) بِالْإِحْرَامِ (صَيْدُ الْبَحْرِ وَالْأَنْهَارِ وَالْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ كَالسُّلَحْفَاةِ وَالسَّرَطَانِ وَنَحْوِهِمَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: ٩٦] (إلَّا فِي الْحَرَمِ وَلَوْ لِلْحَلَالِ) كَصَيْدٍ مِنْ آبَارِ الْحَرَمِ وَبِرَكِ مَائِهِ؛ لِأَنَّهُ حَرَمِيٌّ أَشْبَهَ صَيْدَ الْحَرَمِ؛ وَلِأَنَّ حُرْمَةَ الصَّيْدِ لِلْمَكَانِ فَلَا فَرْقَ.
(وَطَيْرُ الْمَاءِ) بَرِّيٍّ؛ لِأَنَّهُ يُفْرِخُ وَيَبِيضُ فِيهِ فَيُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ (وَالْجَرَادُ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ فَيُضْمَنُ) ؛ لِأَنَّهُ طَيْرٌ بَرِّيٌّ أَشْبَهَ الْعَصَافِيرَ (بِقِيمَتِهِ) فِي مَكَانِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ غَيْرَ مِثْلِيٍّ وَعَنْهُ يَتَصَدَّقُ بِتَمْرَةٍ عَنْ جَرَادَةٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ (فَإِنْ انْفَرَشَ) الْجَرَادُ (فِي طَرِيقِهِ فَقَتَلَهُ بِمَشْيِهِ أَوْ أَتْلَفَ بَيْضَ طَيْرٍ لِحَاجَةٍ كَالْمَشْيِ عَلَيْهِ) فَعَلَيْهِ (جَزَاؤُهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ لِمَنْفَعَتِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ اُضْطُرَّ إلَى أَكْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ مِنْ شَجَرٍ عَلَى عَيْنِ إنْسَانٍ فَدَفَعَهَا فَانْكَسَرَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ عَلَى الْغَرَقِ فَأَلْفَى مَتَاعَ غَيْرِهِ فَخَشِيَ عَلَيْهِ أَنْ يُهْلِكَهُ فَدَفَعَهُ فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ لَمْ يَضْمَنْهُ.
(وَإِذَا ذَبَحَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ وَكَانَ مُضْطَرًّا فَلَهُ أَكْلُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] (وَلِمَنْ بِهِ مِثْلُ ضَرُورَتِهِ) أَيْ: ضَرُورَةِ الذَّبْحِ (لِحَاجَةِ الْأَكْلِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَهُوَ) أَيْ: مَا ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ (مَيْتَةٌ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْمُذَكِّي لِلذَّكَاةِ (فِي حَقِّ غَيْرِهِ) أَيْ: الْمُضْطَرِّ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَإِذَا ذَبَحَهُ كَانَ مَيْتَةً ذَكَرَهُ الْقَاضِي