النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ (وَ) أَنْ يَذْكُرَ قَدْرَهُ ب (الذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعِ وَالْعَدِّ فِي الْمَعْدُودِ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ) لِأَنَّهُ عِوَضٌ غَائِبٌ فَيَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَاشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ قَدْرِهِ كَالثَّمَنِ.
(فَإِنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ وَزْنًا أَوْ) أَسْلَمَ (فِي مَوْزُونٍ كَيْلًا لَمْ يَصِحَّ) السَّلَمُ لِأَنَّهُ قَدَّرَهُ بِغَيْرِ مَا هُوَ مُقَدَّرٌ بِهِ فَلَمْ يُجْزِئْ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي الْمَذْرُوعِ وَزْنًا وَبِالْعَكْسِ.
(وَعَنْهُ يَصِحُّ) نَقَلَهَا الْمَرْوَزِيُّ لِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ وَإِمْكَانُ تَسْلِيمِهِ مِنْ غَيْرِ تَنَازُعٍ، فَبِأَيِّ قَدْرٍ قَدَّرَهُ جَازَ (اخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ وَجَمْعٌ) مِنْهُمْ الشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ.
(وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي الْمَذْرُوعِ إلَّا بِالذَّرْعِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ وَنَحْوُهُ) كَالصَّنْجَةِ وَالذِّرَاعِ (مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَامَّةِ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَجْهُولًا تَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ بِهِ عِنْدَ التَّلَفِ وَذَلِكَ مُخِلٌّ بِالْحِكْمَةِ الَّتِي اُشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ لِأَجْلِهَا (فَإِنْ شَرَط مِكْيَالًا) بِعَيْنِهِ (أَوْ مِيزَانًا) بِعَيْنِهِ (أَوْ ذِرَاعًا بِعَيْنِهِ أَوْ صَنْجَةً بِعَيْنِهَا غَيْرَ مَعْلُومَاتٍ أَوْ أَسْلَمَ فِي مِثْلِ هَذَا الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ) السَّلَمُ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلِكُ فَتَتَعَذَّرُ مَعْرِفَةُ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَهُوَ غَرَرٌ (لَكِنْ لَوْ عَيَّنَ مِكْيَالَ رَجُلٍ أَوْ مِيزَانَهُ أَوْ صَنْجَتَهُ أَوْ ذِرَاعَهُ صَحَّ) السَّلَمُ (وَلَمْ يَتَعَيَّنْ) فَلَهُ أَنْ يُسْلِمَ بِأَيْ مِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ أَوْ صَنْجَةٍ أَوْ ذِرَاعٍ لِعَدَمِ الْخُصُوصِيَّةِ.
وَمَا لَا يُمْكِنُ وَزْنُهُ بِمِيزَانٍ كَالْأَحْجَارِ الْكِبَارِ يُحَطُّ فِي سَفِينَةٍ وَيُنْظَرُ إلَى أَيْ مَوْضِعٍ تَغُوصُ ثُمَّ يُرْفَعُ وَيَحُطُّ مَكَانَهُ رَمْلٌ أَوْ أَحْجَارٌ صِغَارٌ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْمَاءُ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ بَلَغَهُ ثُمَّ يُوزَنُ فَمَا بَلَغَ فَهُوَ زِنَةُ ذَلِكَ الشَّيْءِ (وَيُسْلِمُ فِي مَعْدُودٍ مُخْتَلِفٍ يَتَقَارَبُ غَيْرِ حَيَوَانٍ) كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ (عَدَدًا) لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهِ يَسِيرٌ وَلِهَذَا لَا تَكَادُ الْقِيمَةُ تَخْتَلِفُ بَيْنَ الْبَيْضَتَيْنِ وَالْجَوْزَتَيْنِ بِخِلَافِ الْبِطِّيخِ فَإِنَّهُ يَتَفَاوَتُ كَثِيرًا.
(وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ يُسْلِمُ فِي الْمَعْدُودِ الَّذِي لَا يَتَقَارَبُ، كَالْبِطِّيخِ وَالْفَوَاكِهِ الْمَعْدُودَةِ مِنْ الرُّمَّانِ وَنَحْوِهِ (وَزْنًا) لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ كَثِيرًا وَيَتَبَايَنُ جِدًّا فَلَا يَنْضَبِطُ إلَّا بِالْوَزْنِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ السَّلَمِ فِي الْمَعْدُودِ غَيْرِ الْحَيَوَانِ: مَحَلُّهُ (إنْ صَحَّ السَّلَمُ فِيهِ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا) فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute