الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ.
(وَلَهُ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ (دَفْعُهَا إلَى السَّاعِي وَإِلَى الْإِمَامِ وَلَوْ فَاسِقًا يَضَعُهَا فِي مَوَاضِعِهَا) لِمَا رَوَى سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ " أَتَيْت سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فَقُلْت: لِي مَالٌ وَأُرِيدُ إخْرَاجَ زَكَاتِهِ فَمَا تَأْمُرُنِي؟ فَقَالَ: ادْفَعْهَا إلَيْهِمْ فَأَتَيْت ابْنَ عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَلِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ مُسْتَحَقِّهَا فَجَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ (يَضَعْهَا مَوَاضِعَهَا حَرُمَ) دَفْعُهَا إلَيْهِ (وَيَجُوزُ) .
وَعِبَارَةُ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَكَثِيرٌ مِنْ النُّسَخِ: وَيَجِبُ وَهِيَ أَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ (كَتَمَهَا إذَنْ) وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَنَصَّ الْإِمَامُ عَلَى خِلَافَهُ قَالَ فِي الشَّرْح: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّ دَفْعَهَا لِلْإِمَامِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ أَوْ الْبَاطِنَةِ وَيَبْرَأُ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ سَوَاءٌ تَلِفَتْ بِيَدِ الْإِمَامِ أَوْ لَا، أَوْ صَرَفَهَا فِي مَصَارِفهَا أَوْ لَمْ يَصْرِفْهَا اهـ، وَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: إنَّهُمْ يُقَلِّدُونَ بِهَا الْكِلَابَ وَيَشْرَبُونَ بِهَا الْخُمُورَ فَقَالَ " ادْفَعْهَا إلَيْهِمْ " حَكَاهُ عَنْهُ أَحْمَدُ، وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ " ادْفَعُوهَا إلَى مَنْ غَلَبَ ".
وَفِي لَفْظٍ آخَرَ " ادْفَعُوهَا إلَى الْأُمَرَاءِ وَإِنْ كَرَعُوا بِهَا لُحُومَ الْكِلَابِ عَلَى مَوَائِدِهِمْ " رَوَاهُمَا عَنْهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: كَانُوا يَدْفَعُونَ الزَّكَاةَ إلَى الْأُمَرَاءِ.
وَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُونَ بِدَفْعِهَا وَقَدْ عَلِمُوا فِيمَا يُنْفِقُونَهَا فَمَا أَقُولُ أَنَا؟ (وَيَبْرَأُ) دَافِعُ الزَّكَاةِ إلَى السَّاعِي أَوْ الْإِمَامِ (بِدَفْعِهَا إلَيْهِ وَلَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، أَوْ لَمْ يَصْرِفُهَا فِي مَصَارِفِهَا) لِمَا سَبَقَ (وَيُجْزِئُ دَفْعُهَا إلَى الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْخَوَارِجِ، إذَا غَلَبُوا عَلَى بَلَدٍ، وَأَخَذُوا مِنْهُ الْعُشْرَ: وَقَعَ مَوْقِعَهُ وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ خَرَجُوا بِتَأْوِيلٍ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنَّمَا يُجْزِئُ أَخْذُهُمْ إذَا نَصَبُوا لَهُمْ إمَامًا (وَكَذَلِكَ مَنْ أَخَذَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ مِنْ السَّلَاطِينِ قَهْرًا أَوْ اخْتِيَارًا عَدَلَ فِيهَا أَوْ جَارَ وَيَأْتِي فِي بَابِ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَلِلْإِمَامِ طَلَبُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَكَالزَّكَاةِ.
(وَ) لِلْإِمَامِ طَلَبُ (الزَّكَاةِ مِنْ الْمَالِ الظَّاهِرِ) كَالْمَوَاشِي وَالْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ (وَالْبَاطِنِ) كَالْأَثْمَانِ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ (إنْ وَضَعَهَا فِي أَهْلِهَا، وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ إذَا طَلَبَهَا) بَلْ لِرَبِّهَا تَفْرِقَتُهَا بِنَفْسِهِ وَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (أَنْ يُقَاتِلَ عَلَى) ذَلِكَ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ (إخْرَاجُهَا بِالْكُلِّيَّةِ) إذْ الْوَاجِبُ الْإِخْرَاجُ، لَا الدَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute