(وَلَا يُكَفَّرُ) مَانِعُ الزَّكَاةِ تَهَاوُنًا أَوْ بُخْلًا (بِقِتَالِهِ لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ.
وَلِأَنَّ عُمَرَ وَغَيْرَهُ امْتَنَعُوا ابْتِدَاءً مِنْ قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَلَوْ اعْتَقَدُوا كُفْرَهُمْ مَا امْتَنَعُوا مِنْهُ، ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى الْقِتَالِ فَبَقِيَ عَدَمُ التَّكْفِيرِ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ الْأَوَّلِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ لَمَّا قَاتَلَ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَعَضَّتْهُمْ الْحَرْبُ قَالُوا، نُؤَدِّيهَا قَالَ " لَا أَقْبَلُهَا حَتَّى تَشْهَدُوا أَنَّ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَأَنَّ قَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ " يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِيمَنْ مَنَعَهَا جُحُودًا وَلَحِقَ بِأَهْلِ الرِّدَّةِ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ فِيهِمْ طَائِفَةٌ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِالنَّارِ الْحُكْمُ بِالْكُفْرِ، بِدَلِيلِ الْعُصَاةِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَوْ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ بِتَعَذُّرٍ فِيهَا وَالْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ دَفْعُ حَاجَةِ الْفَقِيرِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِأَدَائِهَا مَعَ الْقِتَالِ.
(وَمَنْ طُولِبَ بِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (فَادَّعَى مَا يَمْنَعُ وُجُوبَهَا مِنْ نُقْصَانِ الْحَوْلِ أَوْ) نُقْصَانِ (النِّصَابِ، أَوْ انْتِقَالِهِ) أَيْ مَلَكَ النِّصَابَ (فِي بَعْضِ الْحَوْلِ وَنَحْوِهِ، كَادِّعَائِهِ أَدَاءَهَا، أَوْ تَجَدُّدِ مِلْكِهِ قَرِيبًا أَوْ) ادَّعَى (أَنَّ مَا بِيَدِهِ) مِنْ الْمَالِ (لِغَيْرِهِ أَوْ) ادَّعَى أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ، أَوْ أَنَّهُ (مُخْتَلَطٌ قُبِلَ قَوْلِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ (بِغَيْرِ يَمِينٍ) نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ هُوَ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهَا فَلَا يُسْتَحْلَفُ عَلَيْهَا كَالصَّلَاةِ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُسْأَلُ الْمُتَصَدِّقُ عَنْ شَيْءٍ، وَلَا يُبْحَثُ، إنَّمَا يَأْخُذُ مَا أَصَابَهُ مُجْتَمَعًا، وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ مَرَّ بِعَاشِرٍ وَادَّعَى أَنَّهُ عَشَّرَهُ آخَرُ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِقَدْرِ زَكَاتِهِ وَلَمْ يُخْبَرْ بِقَدْرِ مَالِهِ أُخِذَتْ مِنْهُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُكَلَّفْ إحْضَارَ مَالِهِ) لِمَا مَرَّ.
(وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ) تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَالِهِمَا لِمَا تَقَدَّمَ (يُخْرِجُ عَنْهُمَا وَلِيُّهُمَا فِي مَالِهِمَا) لِأَنَّهَا حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا فَوَجَبَ عَلَى الْوَلِيِّ أَدَاؤُهَا عَنْهُمَا (كَنَفَقَةِ أَقَارِبِهُمَا وَزَوْجَاتِهِمَا، وَأُرُوشِ جِنَايَاتِهِمَا) وَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ مِنْ الْوَلِيِّ فِي الْإِخْرَاجِ، كَرَبِّ الْمَالِ.
(وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ تَفْرِقَةُ زَكَاتِهِ وَ) تَفْرِقَةُ (فِطْرَتِهِ بِنَفْسِهِ،، بِشَرْطِ أَمَانَتِهِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ دَفْعِهَا إلَى إمَامٍ عَادِلٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: ٢٧١] وَكَالدَّيْنِ وَلِأَنَّ الْقَابِضَ رَشِيدٌ قَبَضَ مَا يَسْتَحِقُّهُ، وَلِيَكُونَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ إيصَالِهَا إلَى مُسْتَحَقِّيهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمْوَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute