مَاتَ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ فَوَرِثَتْهُ أُخْتِي دُونِي وَكَانَتْ عَلَى دِينِهِ ثُمَّ إنَّ جَدِّي أَسْلَمَ وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُنَيْنًا فَتُوُفِّيَ، فَلَبِثْتُ سَنَةً وَكَانَ تَرَكَ مِيرَاثًا ثُمَّ إنَّ أُخْتِي أَسْلَمَتْ فَخَاصَمَتْنِي فِي الْمِيرَاثِ إلَى عُثْمَانَ، فَحَدَّثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَرْقَمَ أَنَّ عُمَرَ قَضَى أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَلَهُ نَصِيبُهُ فَقَضَى بِهِ عُثْمَانُ فَذَهَبَتْ بِذَلِكَ الْأَوَّلِ وَشَارَكَتْنِي فِي هَذَا "، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ انْتَشَرَتْ وَلَمْ تُنْكَرْ فَكَانَ الْحُكْمُ فِيهَا كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ التَّرْغِيبُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْحَثُّ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ) كَانَ الَّذِي أَسْلَمَ (مُرْتَدًّا) عِنْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ (أَوْ) كَانَ الْوَارِثُ (زَوْجَةً) وَأَسْلَمَتْ (فِي عِدَّةٍ) قِيَاسًا عَلَى مَا سَبَقَ وَ (لَا) يَرِثُ إنْ كَانَ (زَوْجًا) وَأَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجَتِهِ لِانْقِطَاعِ عُلَقِ النِّكَاحِ عَنْهُ بِمَوْتِهَا بِخِلَافِهَا.
(وَلَا) يَرِثُ إنْ كَانَ (قِنًّا) وَ (عَتَقَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بَعْدَ مَوْتِ قَرِيبِهِ) مِنْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ أَوْ أُمٍّ وَنَحْوِهِمْ (أَوْ) عَتَقَ (مَعَ مَوْتِهِ كَتَعْلِيقِهِ الْعِتْقَ عَلَى ذَلِكَ) بِأَنْ قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: إذَا مَاتَ أَبُوكَ أَوْ نَحْوُهُ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ وَلَمْ يَرِثْ.
وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ لَمْ تُقْسَمْ بِخِلَافِ مَنْ أَسْلَمَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْظَمُ الطَّاعَاتِ وَالْقُرَبِ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالتَّأْلِيفِ عَلَيْهِ، فَوَرَدَ الشَّرْعُ بِتَأْلِيفِهِ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْعِتْقُ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ وَلَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَصِحَّ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ وَلَوْلَا مَا وَرَدَ مِنْ الْأَثَرِ فِي تَوْرِيثِ مَنْ أَسْلَمَ لَكَانَ النَّظَرُ أَنْ لَا يَرِثَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ حِينَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ بِالْمَوْتِ إلَى الْوَرَثَةِ فَيَسْتَحِقُّونَهُ، فَلَا يَبْقَى لِمَنْ حَدَثَ شَيْءٌ لَكِنْ خَالَفْنَاهُ فِي الْإِسْلَامِ لِلْأَثَرِ وَلَيْسَ فِي الْعِتْقِ أَثَرٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ (أَوْ دَبَّرَ ابْنَ عَمِّهِ ثُمَّ مَاتَ) وَخَرَجَ الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ وَلَمْ يَرِثْ وَتَقَدَّمَ.
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ فِي آخِرِ حَيَاتِي عَتَقَ وَوَرِثَ) لِأَنَّهُ حِينَ الْمَوْتِ كَانَ حُرًّا (وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا فَمَتَى تَصَرَّفَ فِي التَّرِكَةِ وَاحْتَازَهَا فَهُوَ كَقَسْمِهَا) بِحَيْثُ لَوْ أَسْلَمَ قَرِيبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُشَارِكْهُ، كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَاقْتَسَمُوا (وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ بَعْضِ الْمَالِ وَرِثَ) مَنْ أَسْلَمَ (مِمَّا بَقِيَ) دُونَ مَا قُسِمَ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَرِثُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إنْ اتَّحَدَتْ مِلَّتُهُمْ وَهُمْ مِلَلٌ شَتَّى مُخْتَلِفَةٌ، فَلَا يَرِثُونَ مَعَ اخْتِلَافِهَا) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَالْيَهُودِيَّةُ مِلَّةٌ وَالنَّصْرَانِيَّةُ مِلَّةٌ وَالْمَجُوسِيَّةُ مِلَّةٌ وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِلَّةٌ وَعَبَدَةُ الشَّمْسِ مِلَّةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute