للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَرْضِهِمْ فَعَلَيْهِمْ دِيَتُهُ " (وَيُبَيِّنُ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ لَهُمْ (أَيَّامَ الضِّيَافَةِ، وَالْإِدَامُ وَالْعَلْفَ، وَعَدَدَ مَنْ يُضَافُ مِنْ الرَّجَّالَةِ وَالْفُرْسَانِ وَالْمَنْزِلِ فَيَقُولُ: تُضَيِّفُونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَةَ يَوْمٍ، فِي كُلِّ يَوْمٍ عَشْرَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ خُبْزِ كَذَا وَكَذَا) وَمِنْ الْأُدْمِ كَذَا (وَلِلْفَرَسِ مِنْ الشَّعِيرِ كَذَا، وَمِنْ التِّبْنِ كَذَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْجِزْيَةِ، فَاعْتُبِرَ الْعِلْمُ بِهِ كَالنُّقُودِ.

قَالَهُ الْقَاضِي (وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مَا عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ) مِنْ الضِّيَافَةِ كَمَا فِي الْجِزْيَةِ (فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ جِزْيَتِهِمْ) قَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْدِعِ وَحَكَاهُ فِي الْإِنْصَافِ قَوْلًا عَنْ الرِّعَايَةِ، مُقَابِلًا لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ يُبَيِّنُ مَا عَلَى الْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ (فَإِنْ شَرَطَ الضِّيَافَةَ مُطْلَقًا قَالَ فِي الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ: صَحَّ) وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي؛ لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يُقَدِّرْ ذَلِكَ، وَقَالَ " أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ " " تَنْبِيهٌ " فِي عَزْوِهِ ذَلِكَ لِلْفُرُوعِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ.

وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ: قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ النُّسَخَ مُخْتَلِفَةٌ (وَتَكُونُ مُدَّتُهَا) أَيْ: الضِّيَافَةِ (يَوْمًا وَلَيْلَةً) قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَاجِبُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ كَالْمُسْلِمِينَ وَلَا يُكَلَّفُونَ إلَّا مِنْ طَعَامِهِمْ وَإِدَامِهِمْ.

(وَلَا تَجِبُ) الضِّيَافَةُ (مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ) لِأَنَّهَا مَالٌ فَلَا يَلْزَمُهُمْ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ كَالْجِزْيَةِ (فَلَا يُكَلَّفُونَ الضِّيَافَةُ) (مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ) وَلَا (يُكَلَّفُونَ الذَّبِيحَةَ) وَإِنْ شُرِطَتْ عَلَيْهِمْ الضِّيَافَةُ (وَلَا) يُكَلَّفُونَ (أَنْ يُضَيِّفُونَا بِأَرْفَعَ مِنْ طَعَامِهِمْ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ " أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ ".

(وَلِلْمُسْلِمِينَ النُّزُولُ فِي الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ) فَإِنَّ عُمَرَ صَالَحَ أَهْلَ الشَّامِ عَلَى أَنْ يُوَسِّعُوا أَبْوَابَ بِيَعِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ لِمَنْ يَجْتَازُ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِيَدْخُلُوهَا رُكْبَانًا (فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا) أَيْ: الْمُسْلِمُونَ (مَكَانًا فَلَهُمْ النُّزُولُ فِي الْأَفْنِيَةِ وَفُضُولِ الْمَنَازِلِ وَلَيْسَ لَهُمْ تَحْوِيلُ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِهِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» .

وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ الضِّيَافَةَ فَامْتَنَعُوا مِنْ قَبُولِهَا لَمْ يَعْقِدْ لَهُمْ الذِّمَّةَ (فَإِنْ) قَبِلُوا وَ (امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ الْقِيَامِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ (فَإِنْ امْتَنَعَ الْجَمِيعُ) مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِمْ (أُجْبِرُوا) عَلَى الْقِيَامِ بِهِ لِوُجُوبِهِ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) إجْبَارُهُمْ (إلَّا بِالْقِتَالِ قُوتِلُوا) عَلَيْهِ (فَإِنْ قَاتَلُوا انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ) بِالْقِتَالِ.

(فَإِنْ جَعَلَ الضِّيَافَةَ مَكَانَ الْجِزْيَةِ صَحَّ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ لِرَاهِبٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ " إنَّنِي إنْ وُلِّيتُ هَذِهِ الْأَرْضَ أَسْقَطْتُ عَنْك خَرَاجَكَ فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الْجَابِيَةَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ جَاءَ بِهِ وَقَالَ إنَّنِي جَعَلْتُ لَكَ مَا لَيْسَ لِي،

<<  <  ج: ص:  >  >>