السُّدُسَ أُمُّ أَبٍ مَعَ أَبِيهَا وَابْنُهَا حَيٌّ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ إلَّا أَنَّ لَفْظَهُ " أَوَّلُ جَدَّةٍ أُطْعِمَتْ السُّدُسَ أُمُّ أَبٍ مَعَ ابْنِهَا وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ " أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ السُّدُسَ أُمُّ أَبٍ مَعَ ابْنِهَا ".
وَلِأَنَّ الْجَدَّاتِ أُمَّهَاتٌ يَرِثْنَ مِيرَاثَ الْأُمِّ لَا مِيرَاثَ الْأَبِ فَلَا يُحْجَبْنَ بِهِ كَأُمَّهَاتِ الْأُمِّ (وَإِنْ اجْتَمَعَتْ جَدَّةٌ ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ مَعَ) جَدَّةٍ (أُخْرَى) ذَاتِ قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ (فَلَهَا) أَيْ ذَاتِ الْقَرَابَتَيْنِ (ثُلُثَا السُّدُسِ) وَلِذَاتِ الْقَرَابَةِ ثُلُثُهُ لِأَنَّهَا شَخْصٌ ذُو قَرَابَتَيْنِ يَرِثُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةً لَا يُرَجَّحُ بِهِمَا عَلَى غَيْرِهِ فَوَجَبَ أَنْ تَرِثَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَابْنِ الْعَمِّ إذَا كَانَ أَخًا لِأُمٍّ أَوْ زَوْجًا وَفَارَقَتْ الْأَخُ لِأَبَوَيْنِ لِأَنَّهُ رَجَحَ بِقَرَابَتِهِ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَلَا يَجْمَعُ بَيْن التَّرْجِيحِ بِالْقَرَابَةِ الزَّائِدَةِ وَالتَّوْرِيثِ بِهَا فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا انْتَفَى الْآخَرُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْلُ بِهِمَا جَمِيعًا وَهَهُنَا قَدْ اتَّفَقَ التَّرْجِيحُ فَيَثْبُتُ التَّوْرِيثُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ: السُّدُسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ.
(فَلَوْ تَزَوَّج بِنْتَ عَمَّتِهِ) فَأَتَتْ بِوَلَدٍ (فَجَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ وَلَدِهِمَا، وَأُمُّ أَبِي أَبِيهِ) فَتَرِثُ مَعَهَا أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ ثُلُثَ السُّدُسِ (أَوْ) تَزَوَّجَ (بِنْتَ خَالَتِهِ) فَوَلَدَتْ وَلَدًا (فَجَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ) فَتَرِثُ مَعَهَا أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ ثُلُثَ السُّدُسِ (وَقَدْ تُدْلِي جَدَّةٌ بِثَلَاثِ جِهَاتٍ تَرِثُ بِهَا) كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ هَذَا الْوَلَدُ بِنْتَ خَالَةٍ لَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْهُ فَالْجَدَّةُ الْمَذْكُورَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أُمِّ أَبِي أَبٍ (فَ) هَذِهِ الْجَدَّةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (يَنْحَصِرُ السُّدُسُ فِيهَا) لِأَنَّا لَا نُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ (وَأَمَّا أُمِّ أَبِي الْأُمِّ، وَأُمَّ أَبِي الْجَدِّ فَلَا يَرِثَانِ بِأَنْفُسِهِمَا فَرْضًا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ) بَلْ يَرِثَانِ بِالتَّنْزِيلِ عِنْدَ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ.
وَكَذَا كُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ اتِّفَاقًا أَوْ أَدْلَتْ بِجَدٍّ أَعْلَى، لِأَنَّ الْقَرَابَةَ كُلَّمَا بَعُدَتْ ضَعُفَتْ وَالْجُدُودَةُ جِهَةٌ ضَعِيفَةٌ (وَتَقَدَّمَ لَوْ ادَّعَى اللَّقِيطُ رَجُلَانِ فَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِمَا فَهُمَا أَبَوَاهُ) أَيْ وَطِئَ اثْنَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ فَأُلْحِقَ وَلَدُهَا بِهِمَا فَهُمَا أَبَوَاهُ (لِأُمِّهِمَا إذَا مَاتَ) الْمُلْحَقُ بِهِمَا (مَعَ أُمِّ أُمٍّ نِصْفُ السُّدُسِ وَلَهَا) أَيْ أُمِّ الْأُمِّ (نِصْفُهُ) وَكَذَا لَوْ أُلْحِقَ بِأَكْثَر مِنْ أَبٍ لِأُمَّهَاتِ الْآبَاءِ نِصْفُ السُّدُسِ بَيْنَهُنَّ سَوِيَّةً وَلِأُمِّ الْأُمِّ نِصْفُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute