للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَصْمَيْنِ (إلَّا أَنْ يُضَيِّفَ خَصْمَهُ مَعَهُ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ " أَنَّهُ نَزَلَ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ: لَكَ خَصْمٌ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: تَحَوَّلْ عَنَّا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا تُضَيِّفُوا أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ» .

(وَ) يُحَرَّمُ أَيْضًا (تَعْلِيمُهُ كَيْفَ يَدَّعِي) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى خَصْمِهِ وَكَسْرِ قَلْبِهِ (إذَا لَمْ يَلْزَمْ ذِكْرُهُ، فَإِنْ لَزِمَ كَشَرْطِ عَقْدٍ أَوْ سَبَبِ) إرْثٍ (وَنَحْوِهِ) مِمَّا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الدَّعْوَى كَوَصْفِ سَرِقَةٍ أَوْ قَتْلٍ (وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُدَّعِي فَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي (أَنْ يَسْأَلَ) عَنْهُ (لِيَحْتَرِزَ عَنْهُ) وَيُحَرِّرُهُ لِتَوَقُّفِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ.

(وَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي (أَنْ يَشْفَعَ إلَى خَصْمِهِ لِيَنْظُرَهُ) بِالدَّيْنِ (أَوْ يَضَعَ عَنْهُ وَلَهُ أَنْ يَزِنَ عَنْهُ وَيَكُونُ) ذَلِكَ (بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحُكْمِ) لِأَنَّ فِي ذَلِكَ نَفْعًا لِخَصْمِهِ وَلِأَنَّ مُعَاذًا " أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَلَّمَهُ لِيُكَلِّمَ غُرَمَاءَهُ فَلَوْ تَرَكُوا لِأَحَدٍ لَتَرَكُوا مُعَاذًا لِأَجْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهُ سَعِيدٌ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ مُرْسَلٌ جَيِّدٌ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ " تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا عَلَيْهِ وَأَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى كَعْبٍ أَنْ ضَعْ الشِّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُمْ فَأَعْطِهِ " قَالَ أَحْمَدُ هَذَا حُكْمٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(وَيَنْبَغِي) لِلْقَاضِي (أَنْ يُحْضِرَ مَجْلِسَهُ الْفُقَهَاءَ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ إنْ أَمْكَنَ؛ يُشَاوِرهُمْ فِيمَا أُشْكِلَ عَلَيْهِ) لِيَذْكُرُوا أَدِلَّتَهُمْ فِيهَا وَجَوَابَهُمْ عَنْهَا فَإِنَّهُ أَسْرَعُ إلَى اجْتِهَادِهِ وَأَقْرَبُ إلَى صَوَابِهِ (فَإِنْ حَكَمَ بِاجْتِهَادِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ افْتِيَاتًا عَلَيْهِ (وَإِنْ خَالَفَ اجْتِهَادَهُ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِمَا يُخَالِفُ نَصًّا) مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، وَظَاهِرَهُ وَلَوْ آحَادًا كَمَا يَأْتِي (أَوْ إجْمَاعًا) لِوُجُوبِ إنْكَارِهِ وَنَقْضِ حُكْمِهِ بِهِ (وَيُشَاوِرُ) الْقَاضِي (الْمُوَافِقِينَ وَالْمُخَالِفِينَ) مِنْ الْفُقَهَاءِ (وَيَسْأَلهُمْ عَنْ حُجَجِهِمْ لِاسْتِخْرَاجِ الْأَدِلَّةِ وَ) لِ (تَعَرُّفِ الْحَقِّ بِالِاجْتِهَادِ قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) : لَمَّا وَلِيَ سَيِّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ كَانَ يَجْلِسُ بَيْنَ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ يُشَاوِرُهُمَا، وَوُلِّيَ مُحَارَبُ بْنُ زِيَادٍ قَضَاءَ الْكُوفَةِ فَكَانَ يَجْلِسُ بَيْنَ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ يُشَاوِرُهُمَا (مَا أَحْسَنَهُ لَوْ فَعَلَهُ الْحُكَّامُ يُشَارُونَ وَيَنْظُرُونَ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] (فَإِنْ اتَّضَحَ لَهُ الْحُكْمُ) حَكَمَ فَوْرًا (وَإِلَّا أَخَّرَهُ) أَيْ الْحُكْمَ حَتَّى يَتَّضِحَ لَهُ الْحَقُّ فَيَحْكُمَ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْقَضَاءِ بِالْجَهْلِ.

(فَلَوْ حَكَمَ وَلَمْ يَجْتَهِدْ فَأَصَابَ الْحَقَّ لَمْ يَصِحَّ) حُكْمُهُ (وَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ) إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا (تَقْلِيدُ غَيْرِهِ إنْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُ) لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>