لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ عَنْ مَكَانِهِ وَيُمْكِنُ كُلُّ أَحَدٍ مَعْرِفَتُهُ (ثُمَّ الْجَدْيُ) نَجْمٌ نَيِّرٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ (وَالْفَرْقَدَانِ وَالْقُطْبُ نَجْمٌ خَفِيٌّ) شَمَالِيٌّ يَرَاهُ حَدِيدُ الْبَصَرِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَمَرُ طَالِعًا فَإِذَا قَوِيَ نُورُ الْقَمَرِ خَفِيَ (وَحَوْلُهُ أَنْجُمٌ دَائِرَةٌ، كَفَرَاشَةِ الرَّحَى، أَوْ كَالسَّمَكَةِ فِي أَحَدِ طَرَفَيْهَا أَحَدُ الْفَرْقَدَيْنِ) .
وَفِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى: فِي أَحَدِ طَرَفَيْهَا الْفَرْقَدَانِ (وَفِي الطَّرَفِ الْآخَرِ الْجَدْيُ) قَالُوا: وَبَيْنَ ذَلِكَ أَنْجُمٌ صِغَارٌ مَنْقُوشَةٌ كَنُقُوشِ الْفَرَاشَةِ، ثَلَاثَةٌ مِنْ فَوْقِ وَثَلَاثَةٌ مِنْ تَحْتِ، تَدُورُ هَذِهِ الْفَرَاشَةِ حَوَلَ الْقُطْبِ دَوَرَانَ فَرَاشَةِ الرَّحَى حَوَلَ سَفُّودِهَا، فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ دَوْرَةً، نِصْفُهَا بِاللَّيْلِ وَنِصْفُهَا بِالنَّهَارِ فِي الزَّمَنِ الْمُعْتَدِلِ، فَيَكُونُ الْفَرْقَدَانِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي مَكَانِ الْجَدْيِ عِنْدَ غُرُوبِهَا، وَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال بِهَا فِي أَوْقَاتِ اللَّيْلِ وَسَاعَاتِهِ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَزْمِنَةِ لِمَنْ عَرَفَهَا، وَفَهِمَ كَيْفِيَّةَ دَوَرَانِهَا (وَالْقُطْبُ فِي وَسَطِ الْفَرَاشَةِ لَا يَبْرَحُ مِنْ مَكَانِهِ دَائِمًا) قَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ.
وَفِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: إلَّا قَلِيلًا قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَقِيلَ: إنَّهُ يَتَغَيَّرُ يَسِيرًا لَا يُؤَثِّرُ (يَنْظُرُهُ) أَيْ الْقُطْبَ (حَدِيدُ الْبَصَرِ فِي غَيْرِ لَيَالِي الْقَمَرِ) فَإِذَا قَوِيَ نُورُ الْقَمَرِ خَفِيَ (لَكِنْ يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِالْجَدْيِ وَالْفَرْقَدَيْنِ: فَإِنَّهُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَيْهِ تَدُورُ بَنَاتُ نَعْشٍ الْكُبْرَى) قَالَ فِي شَرْحِهِ: بَنَاتُ نَعْشٍ أَرْبَعَةُ كَوَاكِبَ، وَثَلَاثَةٌ تَتْبَعُهَا الْأَرْبَعَةُ نَعْشٌ.
وَالثَّلَاثَةُ بَنَاتٌ (وَغَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ بَنَاتِ نَعْشٍ الْكُبْرَى (إذَا جَعَلَهُ) أَيْ جَعَلَ الْإِنْسَانُ الْقُطْبَ (وَرَاءَ ظَهْرِهِ كَانَ مُسْتَقْبِلًا وَسَطَ السَّمَاءِ فِي كُلِّ بَلَدٍ ثُمَّ إنْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَا انْحِرَافَ لَهُ عَنْ مُسَامَتَةِ الْقِبْلَةِ لِلْقُطْبِ مِثْلُ آمِدُ، وَمَا كَانَ عَلَى خَطِّهَا فَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ مُنْحَرِفًا عَنْهَا) أَيْ عَنْ مُسَامَتَةِ الْقِبْلَةِ لِلْقُطْبِ (إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ انْحَرَفَ الْمُصَلِّي إلَى الْمَشْرِقِ بِقَدْرِ انْحِرَافِ بَلَدِهِ كَبِلَادِ الشَّامِ وَمَا هُوَ مَغْرِبٌ عَنْهَا فَإِنَّ انْحِرَافَ دِمَشْقَ إلَى الْمَغْرِبِ نَحْوَ نِصْفِ سُدُسِ الْفَلَكِ، يَعْرِفُ ذَلِكَ الْفَلَكِيَّةُ وَكُلَّمَا قَرُبَ إلَى الْمَغْرِبِ كَانَ انْحِرَافُ الْمُصَلِّي إلَى الْمَشْرِقِ بِقَدَرِهِ وَعَكَسَ ذَلِكَ بِعَكْسِهِ، فَإِذَا كَانَ الْبَلَدُ مُنْحَرِفًا عَنْ مُسَامَتَةِ الْقِبْلَةِ لِلْقُطْبِ إلَى الْمَشْرِقِ انْحَرَفَ الْمُصَلِّي إلَى الْمَغْرِبِ بِقَدَرِ انْحِرَافِهِ) .
أَيْ بَلَدِهِ (وَكُلَّمَا كَثُرَ انْحِرَافًا إلَى الْمَشْرِقِ كَثُرَ انْحِرَافُ الْمُصَلِّي إلَى الْمَغْرِبِ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ جَعَلَ الْقُطْبُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فِي الشَّامِ وَمَا حَاذَاهَا وَانْحَرَفَ قَلِيلًا إلَى الْمَشْرِقِ كَانَ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: إذَا جَعَلَ الشَّامِيُّ الْقُطْبَ بَيْنَ أُذُنِهِ الْيُسْرَى وَنَقْرَةِ الْقَفَا فَقَدْ اسْتَقْبَلَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الشَّمَالِيِّ وَالْمِيزَابِ اهـ فَمَطْلَعَ سُهَيْلٍ) وَهُوَ نَجْمٌ كَبِيرٌ يُضِيءُ، يَطْلُعُ مِنْ مَهَبِّ الْجَنُوبِ، ثُمَّ يَسِيرُ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute