للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ مُعَيَّنٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} [الأحزاب: ٦] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ: هُوَ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ، وَلِأَنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ لَهُمْ فَصَحَّتْ لَهُمْ الْوَصِيَّةُ.

(وَلَوْ) كَانَ الْكَافِرُ (مُرْتَدًّا أَوْ حَرْبِيًّا، وَلَوْ) كَانَ (بِدَارِ حَرْبٍ) كَالْهِبَةِ لَهُ قَالَ فِي الْمُغْنِي: الْآيَةُ، أَيْ: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: ٨] إلَى آخِرِهَا حُجَّةٌ لَنَا فِيمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ فَأَمَّا الْمُقَاتِلُ فَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ تَوَلِّيهِ لَا عَنْ بِرِّهِ، وَالْوَصِيَّةِ لَهُ وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: الصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَّصِفْ بِالْقِتَالِ، أَوْ الْمُظَاهَرَةِ صَحَّتْ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ.

(فَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (لِ) كَافِرٍ (غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَ) الْوَصِيَّةِ لِ (الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَنَحْوِهِمْ) كَالْمَجُوسِ، أَوْ لِفُقَرَاءِ الْيَهُودِ وَنَحْوِهِمْ كَالْوَقْفِ عَلَيْهِمْ.

(وَلَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (لَكَافِرٍ بِمُصْحَفٍ، وَلَا بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ، وَلَا بِسِلَاحٍ) لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ ذَلِكَ.

(وَلَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَكَافِرٍ (بِحَدِّ قَذْفٍ) يَسْتَوْفِيهِ لِلْمُسْلِمِ الْمَقْذُوفِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَهُ لِنَفْسِهِ، فَلِغَيْرِهِ أَوْلَى.

(فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ) الْمُوصَى بِهِ لَكَافِرٍ (كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ) الْعَبْدُ (قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ تَعَاطِي مِلْكِهِ.

(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (لِلْمُكَاتَبِ) لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ (وَلَوْ) كَانَ الْمُوصِي (مُكَاتِبَهُ) أَيْ: مُكَاتَبِ الْمُوصِي (بِجُزْءٍ شَائِعٍ) كَثُلُثِ مَالِهِ وَرُبُعِهِ (أَوْ) بِشَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَأَجْنَبِيٍّ فِي الْمُعَامَلَةِ، وَلِهَذَا جَازَ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَيْهِ (فَإِنْ قَالَ) لِوَرَثَتِهِ (ضَعُوا عَنْهُ بَعْضَ كِتَابَتِهِ أَوْ) قَالَ ضَعُوا عَنْهُ (بَعْضَ مَا عَلَيْهِ، وَضَعُوا مَا شَاءُوا) لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ.

(وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ نَجْمًا، فَلَهُمْ أَنْ يَضَعُوا عَنْهُ أَيَّ نَجْمٍ شَاءُوا) سَوَاءٌ (اتَّفَقَتْ النُّجُومُ أَوْ اخْتَلَفَتْ) لِصِدْقِ اللَّفْظِ بِذَلِكَ.

(وَإِنْ قَالَ) الْمُوصِي: (ضَعُوا عَنْهُ مَا شَاءَ فَالْكُلُّ) يُوضَعُ عَنْهُ (إذَا شَاءَ) ذَلِكَ لِدُخُولِ الشَّرْطِ عَلَى مُطْلَقِ، وَلَوْ قَالَ ضَعُوا مَا شَاءَ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ لَمْ يُوضَعْ الْكُلُّ لِأَنَّ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُوَفَّقُ وَنَظَرَ فِيهِ الْحَارِثِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ لِبَيَانِ الْجِنْسِ، فَيُوضَعُ الْكُلُّ.

(وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ) أَيْ: الْمُكَاتَبِ (أَيَّ نَجْمٍ شَاءَ رُجِعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (إلَى مَشِيئَتِهِ) عَمَلًا بِقَوْلِ الْمُوصِي.

(وَإِنْ قَالَ ضَعُوا عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الْمُكَاتَبِ (أَكْبَرَ نُجُومِهِ وَضَعُوا أَكْثَرَهَا مَالًا) لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>