النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي -: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، فَإِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُعْطِيهَا بَعْضَ الْكِفَايَةِ وَلَا يُتِمُّهَا لَهَا فَرَخَّصَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا فِي أَخْذِ تَمَامِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ فَإِنَّ النَّفَقَةَ لَا غِنًى عَنْهَا وَلَا قَوَامَ إلَّا بِهَا وَلِأَنَّهَا تَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَتَشُقُّ الْمُرَافَعَةُ بِهَا إلَى الْحَاكِمِ وَالْمُطَالَبَةُ بِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَحَدِيثُ " أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَخْ " مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ هِنْدٍ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالنَّفَقَةِ.
(وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ) عَلَى أَخْذِ كِفَايَتِهَا وَكِفَايَةِ وَلَدِهَا مِنْ مَالِهِ (أَخْبَرَهُ الْحَاكِمُ) إذَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَيْهِ عَلَى كِفَايَتِهَا وَكِفَايَةِ وَلَدِهَا وَنَحْوِهِ بِالْمَعْرُوفِ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ) ذَلِكَ (حَبْسَهُ) لِأَنَّ الْحَاكِمَ وُضِعَ لِفَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَالْحَبْسُ طَرِيقٌ إلَى الْفَصْلِ فَتَعَيَّنَ فِعْلُهُ (فَإِنْ صَبَرَ) الزَّوْجُ (عَلَى الْحَبْسِ وَقَدَرَ الْحَاكِمُ عَلَى مَالِهِ أَنْفَقَ مِنْهُ) عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ وَجَبَتْ لَهُ النَّفَقَةُ لِأَنَّهَا حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ وَجَبَ الدَّفْعُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ مِنْ مَالٍ خَصَمَهُ كَالدَّيْنِ، بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ الدَّيْنِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الْأَخْذِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ.
(فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) الْحَاكِمُ (لَهُ عَلَى مَال يَأْخُذُهُ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ) الْحَاكِمُ (عَلَى النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ وَلَمْ يَجِدْ) الْحَاكِمُ (إلَّا عُرُوضًا أَوْ عَقَارًا بَاعَهُ وَأَنْفَقَ مِنْهُ فَيَدْفَعُ) الْحَاكِمُ (إلَيْهَا نَفَقَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ) كَالنَّقْدَيْنِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ) الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدًا وَلَا عَرَضًا وَلَا عَقَارًا (فَلَهَا الْفَسْخُ) لِتَعَذُّرِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ كَحَالِ الْإِعْسَارِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالْفَسْخِ.
وَلَوْ فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَ الزَّوْجَةِ لِفَقْدِ مَالِ زَوْجِهَا الْغَائِبِ يُنْفَقُ مِنْهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ مَالٌ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: الظَّاهِرُ صِحَّةُ الْفَسْخِ وَعَدَمُ نَقْضِهِ، لِأَنَّ نَفَقَتَهَا إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِمَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا وَأَمَّا مَا كَانَ غَائِبًا عَنْهَا لَا عِلْمَ لَهَا بِهِ فَلَا تُكَلَّفَ الصَّبْرَ لِاحْتِمَالِهِ، وَلَا تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْمُتَيَمِّمِ إذَا نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ، لِأَنَّ الْمَاءَ فِي قَبْضِهِ وَيَدِهِ وَنِسْيَانُهُ لَا يَخْلُو مِنْ تَقْصِيرٍ وَتَفْرِيطٍ بِخِلَافِ هَذِهِ قَالَ: وَلَمْ أَجِدْ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا.
(وَنَفَقَةُ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَالرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ إذَا امْتَنَعَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ) قُلْتُ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ (فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فَلَهُ الرُّجُوعُ) لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ أَشْبَهَ قَضَاءَ الدَّيْنِ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي الْبَابِ بَعْدَهُ) وَحُكْمُ وَكِيلِهِ حُكْمُهُ فِي الْمُطَالَبَةِ وَالْأَخْذِ مِنْ الْمَالِ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ، قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَلَمْ يَتْرُكْ لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (نَفَقَةً وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَالٍ لَهُ وَلَا) عَلَى اسْتِدَانَةٍ (وَلَا) عَلَى (الْأَخْذِ مِنْ وَكِيلِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ كَتَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute