فِيهَا وَعَلَيْهَا (وَ) تَصِحَّ (نَافِلَةٌ) فِيهَا وَعَلَيْهَا (بَلْ يُسَنُّ التَّنَفُّلُ فِيهَا وَالْأَفْضَلُ) أَنْ يَتَنَفَّلَ (وِجَاهَهُ إذَا دَخَلَ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «دَخَلَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيْتَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ فَلَمَّا فَتَحُوا كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ فَلَقِيتُ بِلَالًا فَسَأَلْتُهُ هَلْ صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْكَعْبَةِ؟ قَالَ: رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، عَنْ يَسَارِكَ إذَا دَخَلْتَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَأَمَّا مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أُسَامَةَ أَيْضًا وَالْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ فِي الْكَعْبَةِ فَجَوَابُهُ: أَنَّ الدُّخُولَ كَانَ مَرَّتَيْنِ فَلَمْ يُصَلِّ فِي الْأُولَى وَصَلَّى فِي الثَّانِيَةِ كَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ (وَلَوْ صَلَّى لِغَيْرِ وِجَاهِهِ إذَا دَخَلَ جَازَ) كَمَا لَوْ صَلَّى وِجَاهَهُ لِأَنَّ كُلَّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهَا قِبْلَةٌ.
(إذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا شَاخِصٌ، يَتَّصِلُ بِهَا كَالْبِنَاءِ وَالْبَابِ وَلَوْ مَفْتُوحًا، أَوْ عَتَبَتُهُ الْمُرْتَفِعَةُ فَلَا اعْتِبَارَ بِالْآجُرِّ الْمُعَبَّى مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ، وَلَا الْخَشَبِ غَيْرِ الْمَسْمُورِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَاخِصًا) مُتَّصِلًا (وَسُجُودُهُ عَلَى مُنْتَهَاهَا لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْكَعْبَةِ.
(وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ (إذَا سَجَدَ، وَلَكِنْ مَا ثَمَّ شَاخِصٌ لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ (أَيْضًا، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ) قَالَهُ فِي التَّنْقِيحِ (وَعَنْهُ تَصِحُّ) صَلَاتُهُ اخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَالْفَائِقُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ ذَكَرَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ مَعْنَى مَا قُطِعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى.
(وَالْحِجْرُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْكَعْبَةِ لِخَبَرِ عَائِشَةَ (وَقَدْرُهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَشَيْءٌ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْحِجْرُ جَمِيعُهُ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِنَّمَا الدَّاخِلُ فِي حُدُودِ الْبَيْتِ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَشَيْءٌ فَمَنْ اسْتَقْبَلَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ أَلْبَتَّةَ اهـ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الطَّوَافِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ عَنْهُ جَمِيعِهِ احْتِيَاطًا وَيَأْتِي (فَيَصِحُّ التَّوَجُّهُ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الْحِجْرِ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ أَشْبَهَ سَائِرَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَوَجِّهُ إلَيْهِ مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا.
(وَيُسَنُّ التَّنَفُّلُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْحِجْرِ لِخَبَرِ، عَائِشَةَ (وَأَمَّا الْفَرْضُ فِيهِ) أَيْ: الْحِجْرِ (فَكَّ) الْفَرْضِ (دَاخِلَهَا) لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا وَقَفَ عَلَى مُنْتَهَاهُ، بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ وَرَاءَهُ شَيْءٌ مِنْهُ أَوْ وَقَفَ خَارِجَهُ وَسَجَدَ فِيهِ.
(وَلَوْ نُقِضَ) أَوْ سَقَطَ (بِنَاءُ الْكَعْبَةِ وَجَبَ اسْتِقْبَالُ مَوْضِعِهَا وَهَوَائِهَا، دُونَ أَنْقَاضِهَا) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْبُقْعَةُ لَا الْأَنْقَاضُ.
(وَلَوْ صَلَّى عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute